وَتَقْيِيدُ الْآيَاتِ بِوَصْفِ الْبَينَات لتفظيع إنكارها إِيَّاهَا، إِذْ لَيْسَ فِيهَا مَا يُعْذَرُ بِهِ مُنْكِرُوهَا.
وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ تَعْرِفُ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لِلْخِطَابِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا.
وَالتَّعْبِيرُ بِ الَّذِينَ كَفَرُوا إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ. وَمُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَكُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا، أَيْ وُجُوهِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا، فَخُولِفَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ لِلتَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِالْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ عِلَّةَ ذَلِكَ هُوَ مَا يُبْطِنُونَهُ مِنَ الْكُفْرِ.
وَالسَّطْوُ: الْبَطْشُ، أَيْ يُقَارِبُونَ أَنْ يَصُولُوا عَلَى الَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمُ الْآيَاتِ مِنْ شِدَّةِ الْغَضَبِ وَالْغَيْظِ مِنْ سَماع الْقُرْآن.
وبِالَّذِينَ يَتْلُونَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِهِ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْجَمْعِ عَلَى الْوَاحِدِ كَقَوْلِهِ: وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ [الْفرْقَان: ٣٧] ، أَيْ كَذَّبُوا الرَّسُولَ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَنْ يَقْرَأُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالرَّسُولُ، أَمَّا الَّذِينَ سَطَوْا عَلَيْهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَلَعَلَّهُمْ غير الَّذين قرأوا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، أَوْ لَعَلَّ السَّطْوَ عَلَيْهِمْ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فَلَا إِشْكَالَ فِي ذِكْرِ فِعْلِ الْمُقَارَبَةِ.
وَجُمْلَةُ يَكادُونَ يَسْطُونَ فِي مَوْضِعِ بَدَلِ الِاشْتِمَالِ لِجُمْلَةِ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ لِأَنَّ الْهَمَّ بِالسَّطْوِ مِمَّا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الْمُنْكَرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute