للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ إِلَخْ بَيَانٌ لِ مَثَلٌ عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي مَعْنَى ضُرِبَ مَثَلٌ، فَإِنَّ الْمَثَلَ فِي مَعْنَى الْقَوْلِ فَصَحَّ بَيَانُهُ بِهَذَا الْكَلَامِ.

وَأُكِّدَ إِثْبَاتُ الْخَبَرِ بِحَرْفِ تَوْكِيدِ الْإِثْبَاتِ وَهُوَ (إِنَّ) ، وَأُكِّدَ مَا فِيهِ مِنَ النَّفْيِ بِحَرْفِ تَوْكِيدِ النَّفْيِ (لَنْ) لِتَنْزِيلِ الْمُخَاطَبِينَ مَنْزِلَةَ الْمُنْكِرِينَ لِمَضْمُونِ الْخَبَرِ، لِأَنَّ جَعْلَهُمُ الْأَصْنَامَ آلِهَةً يَقْتَضِي إِثْبَاتَهُمُ الْخَلْقَ إِلَيْهَا وَقَدْ نُفِيَ عَنْهَا الْخَلْقُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّهُ أَظْهَرُ فِي إِقْحَامِ الَّذِينَ ادَّعَوْا لَهَا الْإِلَهِيَّةَ لِأَنَّ نَفْيَ أَنْ تَخْلُقَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَقْتَضِي نَفْيَ ذَلِكَ فِي الْمَاضِي بِالْأَحْرَى لِأَنَّ الَّذِي يَفْعَلُ شَيْئًا يَكُونُ فِعْلُهُ مِنْ بَعْدُ أَيْسَرَ عَلَيْهِ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تَدْعُونَ بِتَاءِ الْخِطَابِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّاسِ فِي قَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا

النَّاسُ

خُصُوصُ الْمُشْرِكِينَ. وَقَرَأَهُ يَعْقُوبُ- بِيَاءِ الْغَيْبَةِ- عَلَى أَنْ يُقْصَدَ بِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ جَمِيعَ النَّاسِ وَأَنَّهُمْ عَلِمُوا بِحَالِ فَرِيقٍ مِنْهُمْ وَهُمْ أَهْلُ الشِّرْكِ. وَالتَّقْدِيرُ: أَنَّ الَّذِينَ يَدْعُونَ هُمْ فَرِيقٌ مِنْكُمْ.

وَالذُّبَابُ: اسْمُ جَمْعِ ذُبَابَةٍ، وَهِيَ حَشَرَةٌ طَائِرَةٌ مَعْرُوفَةٌ، وَتُجْمَعُ عَلَى ذِبَّانٍّ- بِكَسْرِ الذَّالِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ- وَلَا يُقَالُ فِي الْعَرَبِيَّةِ لِلْوَاحِدَةِ ذِبَّانَةٌ.

وَذِكْرُ الذُّبَابِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْقَرِ الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي فِيهَا الْحَيَاةُ الْمُشَاهَدَةُ. وَأَمَّا مَا

فِي الْحَدِيثِ فِي الْمُصَوِّرِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: «فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً وَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً»

فَهُوَ فِي سِيَاقِ التَّعْجِيزِ لِأَنَّ الْحَبَّةَ لَا حَيَاةَ فِيهَا وَالذَّرَّةُ فِيهَا حَيَاةٌ ضَعِيفَةٌ.

وَمَوْقِعُ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ مَوْقِعُ الْحَالِ، وَالْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ، وَ (لَوِ) فِيهِ وَصْلِيَّةٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ حَقِيقَتِهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: