للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَوْلُهُ: لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ [آل عمرَان: ١٩٦، ١٩٧] .

وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَيَحْسَبُونَ إِنْكَارِيٌّ وَتَوْبِيخٌ عَلَى هَذَا الْحُسْبَانِ سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْحُسْبَانُ حَاصِلًا لِجَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ أَمْ غَيْرُ حَاصِلٍ لِبَعْضٍ، لِأَنَّ حَالَهُمْ حَالُ مَنْ هُوَ مَظِنَّةُ هَذَا الْحُسْبَانِ فَيُنْكَرُ عَلَيْهِ هَذَا الْحُسْبَانُ لِإِزَالَتِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ لِدَفْعِ حُصُولِهِ فِيهَا.

وأَنَّما هُنَا كَلِمَتَانِ (أَنَّ) الْمُؤَكِّدَةُ (وَمَا) الْمَوْصُولَةُ وَكُتِبَتَا فِي الْمُصْحَفِ مُتَّصِلَتَيْنِ كَمَا تُكْتَبُ (إِنَّمَا) الْمَكْسُورَةُ الَّتِي هِيَ أَدَاةُ حَصْرٍ لِأَنَّ الرَّسْمَ الْقَدِيمَ لَمْ يَكُنْ مُنْضَبِطًا كُلَّ الضَّبْطِ وَحَقُّهَا أَنْ تُكْتَبَ مَفْصُولَةً.

وَالْإِمْدَادُ: إِعْطَاءُ الْمَدَدِ وَهُوَ الْعَطَاءُ. ومِنْ مالٍ وَبَنِينَ بَيَانٌ لِ (مَا) الْمَوْصُولَةِ.

وَالْمُسَارَعَةُ: التَّعْجِيلُ، وَهِيَ هُنَا مُسْتَعَارَةٌ لِتَوَخِّي الْمَرْغُوبِ وَالْحِرْصِ عَلَى تَحْصِيلِهِ.

وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَت للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا أَرَى رَبَّكَ إِلَّا يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ» أَيْ يُعْطِيكَ مَا

تُحِبُّهُ لِأَنَّ الرَّاغِبَ فِي إِرْضَاءِ شَخْصٍ يَكُونُ مُتَسَارِعًا فِي إِعْطَائِهِ مَرْغُوبَهِ، وَيُقَالُ: فُلَانٌ يَجْرِي فِي حُظُوظِكَ. وَمُتَعَلِّقُ نُسارِعُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: نُسَارِعُ لَهُمْ بِهِ، أَيْ بِمَا نَمُدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ. وَحُذِفَ لِدَلَالَةِ نُمِدُّهُمْ بِهِ عَلَيْهِ.

وَظَرْفِيَّةُ (فِي) مَجَازِيَّةٌ. جُعِلَتِ الْخَيْراتِ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ يَقَعُ فِيهِ الْمُسَارَعَةُ بِالْمَشْيِ فَتَكُونُ (فِي) قَرِينَةٌ مَكْنِيَّةٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ [الْمَائِدَة: ٤١] وَقَوْلِهِ: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ [الْمَائِدَة: ٥٢] كِلَاهُمَا فِي سُورَةِ الْعُقُودِ، وَقَوْلِهِ: إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ [٩٠] .

وَالْخَيْرَاتُ: جَمْعُ خَيْرٍ بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ، وَهُوَ من الْمَجْمُوع النَّادِرَةِ مِثْلَ سُرَادِقَاتٍ.