فَتَلَاعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
الْحَدِيثَ. فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مَبْدَأَ شَرْعِ الْحُكْمِ فِي رَمْيِ الْأَزْوَاجِ نِسَاءَهُمْ بِالزِّنَى. وَاخْتَلَطَ صَاحِبُ الْقِصَّةِ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ فَسَمَّوْهُ هِلَالَ ابْن أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيَّ. وَزِيدَ فِي الْقِصَّةِ:
أَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «الْبَيِّنَةُ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ»
. وَالصَّوَابُ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ قِصَّةُ عُوَيْمِرٍ الْعَجْلَانِيِّ وَكَانَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ تِسْعٍ عَقِبَ الْقُفُولِ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ حَدَثَتَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَقَارِبٍ.
وَلَمَّا سمع النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عِنْدَ نُزُولِ آيَةِ الْقَذْفِ السَّالِفَةِ قَالَ:
«أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي» يَعْنِي أَنَّهَا غيرَة غَيْرُ مُعْتَدِلَةِ الْآثَارِ لِأَنَّهُ جَعَلَ مِنْ آثَارِهَا أَنْ يَقْتُلَ مَنْ يَجِدُهُ مَعَ امْرَأَتِهِ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ لَمْ يَأْذَنَا بِذَلِكَ. فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَغْيَرُ مِنْ سَعْدٍ، وَلَمْ يَجْعَلَا لِلزَّوْجِ الَّذِي يَرَى زَوْجَتَهُ تَزْنِي أَنْ يَقْتُلَ الزَّانِي وَلَا الْمَرْأَةَ وَلِذَلِكَ قَالَ عُوَيْمِرٌ الْعَجْلَانِيُّ «مَنْ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ» ؟.
وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ شُهَداءُ لِظُهُورِهِ مِنَ السِّيَاقِ، أَيْ شُهَدَاءُ عَلَى مَا ادَّعَوْهُ مِمَّا رَمَوْا بِهِ أَزْوَاجَهُمْ.
وَشَمِلَ قَوْلُهُ: إِلَّا أَنْفُسُهُمْ مَا لَا تَتَأَتَّى فِيهِ الشَّهَادَةُ مِثْلَ الرَّمْيِ بِنَفْيِ حَمْلٍ مِنْهُ ادَّعَى قَبْلَهُ الزَّوْجُ الِاسْتِبْرَاءَ.
وَقَدْ عُلِمَ مِنْ أَحَادِيثِ سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ وَمِنْ عِلَّةِ تَخْصِيصِ الْأَزْوَاجِ فِي حُكْمِ الْقَذْفِ بِحُكْمٍ خَاصٍّ وَمِنْ لَفْظِ يَرْمُونَ وَمِنْ ذِكْرِ الشُّهَدَاءِ أَنَّ اللِّعَانَ رُخْصَةٌ مَنَّ اللَّهُ بِهَا عَلَى الْأَزْوَاجِ فِي أَحْوَالِ الضَّرُورَةِ فَلَا تَتَعَدَّاهَا. فَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَآخِرُ قَوْلَيْهِ وَجَمَاعَةٌ: لَا يُلَاعَنُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِلَّا إِذَا ادَّعَى الزَّوْجُ رُؤْيَةَ امْرَأَتِهِ تَزْنِي أَوْ نَفَى حَمْلَهَا نَفْيًا مُسْتَنِدًا إِلَى حُدُوثِ الْحَمْلِ بَعْدَ تَحَقُّقِ بَرَاءَةِ رَحِمِ زَوْجِهِ وَعَدَمِ قُرْبَانِهِ إِيَّاهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute