لِلتَّخَلُّصِ مِنْ ثِقَلِ الْيَاءِ بَعْدَ حَرْفِ الْمَدِّ، وَفُتِحَتِ الْمِيمُ لِلتَّخْفِيفِ فَقُلِبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا. وَعِنْدَ ابْنِ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ: وَزْنُهُ فَعَالَى عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ.
والْأَيامى صِيغَةُ عُمُومٍ لِأَنَّهُ جَمْعٌ مُعَرَّفٌ بِاللَّامِ فَتَشْمَلُ الْبَغَايَا. أُمِرَ أَوْلِيَاؤُهُنَّ بِتَزْوِيجِهِنَّ فَكَانَ هَذَا الْعُمُومُ نَاسِخًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ [النُّور: ٣] فَقَدْ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ هَذِهِ نَاسِخَةٌ لِلْآيَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ. وَنُقِلَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الَّتِي قبلهَا محكمَة عَن غَيْرِ مُعَيَّنٍ. وَزَوَّجَ أَبُو بَكْرٍ امْرَأَةً مِنْ رَجُلٍ زَنَى بِهَا لَمَّا شَكَاهُ أَبُوهَا.
وَمَعْنَى التَّبْعِيضِ فِي قَوْلِهِ مِنْكُمْ أَنَّهُنَّ مِنَ الْمُسَلَّمَاتِ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُسَلَّمَاتِ لَا يَخْلُونَ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنْ يَكُنَّ أَزْوَاجًا لِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا عَلَاقَةَ لِلْآيَةِ بِهِنَّ، أَوْ أَنْ يَكُنَّ مَمْلُوكَاتٍ فَهُنَّ دَاخِلَاتٌ فِي قَوْلِهِ: وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ عَلَى الِاحْتِمَالَاتِ الْآتِيَةِ فِي مَعْنَى الصَّالِحِينَ وَأَمَّا غَيْرُهُنَّ فَوِلَايَتُهُنَّ لِأَهْلِ مِلَّتِهِنَّ.
وَالْمَقْصُودُ: الْأَيَامَى الْحَرَائِرُ، خَصَّصَهُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ. وَظَاهِرُ وَصْفِ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ بِالصَّالِحِينَ أَنَّ الْمُرَادَ اتِّصَافُهُمْ بِالصَّلَاحِ الدِّينِيِّ.
أَيِ الْأَتْقِيَاءُ. وَالْمَعْنَى: لَا يَحْمِلُكُمْ تَحَقُّقُ صَلَاحِهِمْ عَلَى إِهْمَالِ إِنْكَاحِهِمْ لِأَنَّكُمْ آمِنُونَ مِنْ وُقُوعِهِمْ فِي الزِّنَى بَلْ عَلَيْكُمْ أَنْ تُزَوِّجُوهُمْ رِفْقًا بِهِمْ وَدَفْعًا لِمَشَقَّةِ الْعَنَتِ عَنْهُمْ.
فَيُفِيدُ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَكُونُوا صَالِحِينَ كَانَ تَزْوِيجُهُمْ آكَدَ أَمْرًا. وَهَذَا مِنْ دَلَالَةِ الْفَحْوَى فَيَشْمَلُ غَيْرَ الصَّالِحِينَ غَيْرَ الْإِعْفَاءِ وَالْعَفَائِفِ مِنَ الْمَمَالِيكِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَشْمَلُ الْمَمَالِيكَ غَيْرَ الْمُسْلِمِينَ. وَبِهَذَا التَّفْسِيرِ تَنْقَشِعُ الْحَيْرَةُ الَّتِي عَرَضَتْ لِلْمُفَسِّرِينَ فِي التَّقْيِيدِ بِهَذَا الْوَصْفِ. وَقِيلَ أُرِيدَ بِالصَّالِحِينَ الصَّلَاحُ لِلتَّزَوُّجِ بِمَعْنى اللياقة لشؤون الزَّوْجِ، أَيْ إِذَا كَانُوا مَظِنَّةَ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute