وَقَرَأَ أَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيُّ دِرِّيءٌ بِكَسْرِ الدَّالِّ وَمَدِّ الرَّاءِ عَلَى وَزْنِ شِرِّيبٍ مِنَ الدَّرْءِ وَهُوَ الدَّفْعُ، لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الظَّلَامَ بِضَوْئِهِ أَوْ لِأَنَّ بَعْضَ شُعَاعِهِ يَدْفَعُ بَعْضًا فِيمَا يَخَالُهُ الرَّائِي.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ بِضَمِّ الدَّالِّ وَمَدِّ الرَّاءِ مِنَ الدَّرْءِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ وَزْنَهُ فَعِيلٌ وَهُوَ وَزْنٌ نَادِرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لَكِنَّهُ مِنْ أَبْنِيَةِ كَلَامِهِمْ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَمِنْهُ عُلِّيَّةٌ وَسُرِّيَّةٌ وَذَرِّيَّةٌ بِضَمِّ الْأَوَّلِ فِي ثَلَاثَتِهَا.
وَإِنَّمَا سَلَكَ طَرِيقَ التَّشْبِيهِ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ شِدَّةِ صَفَاءِ الزُّجَاجَةِ لِأَنَّهُ أَوْجَزُ لَفْظًا وَأَبْيَنُ وَصْفًا. وَهَذَا تَشْبِيهٌ مُفْرَدٌ فِي أَثْنَاءِ التَّمْثِيلِ وَلَا حَظَّ لَهُ فِي التَّمْثِيلِ.
وَجُمْلَةُ: يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ إِلَخْ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِ مِصْباحٌ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ يُوقَدُ بِتَحْتِيَّةٍ فِي أَوَّلِهِ مَضْمُومَةٌ بَعْدَهَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ وَبِفَتْحِ الْقَافِ مَبْنِيًّا لِلنَّائِبِ، أَيْ يُوقِدُهُ الْمُوقِدُ. فَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ مِصْباحٌ.
وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَخَلَفٍ تَوَقَّدُ بِفَوْقِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَبِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ مَفْتُوحَةً وَرَفْعِ الدَّالِ عَلَى أَنَّهُ مُضَارِعُ تَوَقَّدَ حُذِفَتْ مِنْهُ إِحْدَى التَّاءَيْنِ وَأَصْلُهُ تَتَوَقَّدُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ أَوْ حَالٌ مِنْ مِشْكَاةٍ أَوْ مِنْ زُجاجَةٍ أَوْ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ وَهِيَ مِشْكَاةٌ وَمِصْبَاحٌ وَزُجَاجَةٌ، أَيْ تُنِيرُ. وَإِسْنَادُ التَّوَقُّدِ إِلَيْهَا مَجَازٌ عَقْلِيٌّ.
وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو جَعْفَرٍ مِثْلَ قِرَاءَةِ حَمْزَةَ وَمَنْ مَعَهُ لَكِنْ بِفَتْحِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ فَعَلُ مُضِيٍّ حَالٌ أَوْ صِفَةٌ لِمِصْبَاحٍ.
وَالْإِيقَادُ: وَضْعُ الْوَقُودِ وَهُوَ مَا يُزَادُ فِي النَّارِ الْمُشْتَعِلَةِ لِيَقْوَى لَهَبُهَا، وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا مَا يُمَدُّ بِهِ الْمِصْبَاحُ مِنَ الزَّيْتِ.
وَفِي صِيغَةِ الْمُضَارِعِ عَلَى قِرَاءَةِ الْأَكْثَرِينَ إِفَادَةُ تَجَدُّدِ إِيقَادِهِ، أَيْ لَا يُذْوَى وَلَا يُطْفَأُ.
وَعَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ وَمَنْ مَعَهُ بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ إِفَادَةُ أَنَّ وَقُودَهُ ثَبَتَ وَتَحَقَّقَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute