للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَوَى أَبُو بَكْرِ ابْن الْعَرَبِيِّ فِي «أَحْكَامِ الْقُرْآنِ» بِسَنَدِهِ إِلَى خُرَيْمِ بْنِ أَوْسِ بْنِ حَارِثَةَ أَنَّهُ قَالَ: هَاجَرْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِالْمَدِينَةِ مُنْصَرَفَهُ مِنْ تَبُوكَ فَسَمِعْتُ الْعَبَّاسَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَمْتَدِحَكَ. فَقَالَ: قُلْ لَا يُفَضِّضُ اللَّهُ فَاكَ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ:

مِنْ قَبْلِهَا طِبْتَ فِي الظِّلَالِ وَفِي مُسْتَوْدَعٍ حَيْثُ يَخْصِفُ الْوَرَقُ الْأَبْيَاتِ السَّبْعَةَ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُفْضِضِ اللَّهُ فَاكَ» .

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَمْشِي بَيْنَ يَدَيْهِ يَقُولُ:

خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ الْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهِ ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَبَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ تَقُولُ الشِّعْرَ! فَقَالَ لَهُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَلِّ عَنْهُ يَا عُمَرُ فَإِنَّهُ أَسْرَعُ فِيهِمْ مِنْ نَضْحِ النَّبْلِ» .

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَقُولُ فِي الشِّعْرِ؟ قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَكَأَنَّمَا تَنْضَحُونَهُمْ بِالنَّبْلِ»

. وَلِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ شِعْرٌ كَثِيرٌ، وَكَثِيرٌ مِنْهُ غَيْرُ صَحِيحِ النِّسْبَةِ إِلَيْهِ.

وَقَدْ بَيَّنَ الْقُرْطُبِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» فِي هَذِهِ السُّورَةِ وَفِي سُورَةِ النُّورِ الْقَوْلَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ حَالَيِ الشِّعْرِ. وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَاهِرِ الْجُرْجَانِيُّ فِي أَوَّلِ كِتَابِ «دَلَائِلِ الْإِعْجَازِ» .

وَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ النَّظَرُ فِي مَعَانِي الشِّعْرِ وَحَالِ الشَّاعِرِ، وَلَمْ يَزَلِ الْعُلَمَاءُ يُعْنَوْنَ بِشِعْرِ الْعَرَبِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَفِي ذَلِكَ الشِّعْرِ تَحْبِيبٌ لِفَصَاحَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَبَلَاغَتِهَا وَهُوَ آيِلٌ إِلَى غَرَضٍ شَرْعِيٍّ مِنْ إِدْرَاكِ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ.

وَمَعْنَى: مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا أَيْ مِنْ بَعْدِ مَا ظَلَمَهُمُ الْمُشْرِكُونَ بِالشَّتْمِ وَالْهِجَاءِ.