للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمَعْنَى: تَفْرَحُونَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تُسَرُّونَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفْتَخِرُونَ، أَيْ أَنْتُمْ

تَعْظُمُ عِنْدَكُمْ تِلْكَ الْهَدِيَّةُ لَا أَنَا، لِأَنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي خَيْرًا مِنْهَا.

وَتَقْدِيمُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ عَلَى الْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ فِي «أَنْتُمْ تَفْرَحُونَ» لِإِفَادَةِ الْقَصْرِ، أَيْ أَنْتُمْ.

وَهُوَ الْكِنَايَةُ عَنْ رَدِّ الْهَدِيَّةِ.

وَتَوَعَّدَهُمْ وَهَدَّدَهُمْ بِأَنَّهُ مُرْسِلٌ إِلَيْهِمْ جَيْشًا لَا قِبَلَ لَهُمْ بِحَرْبِهِ. وَضَمَائِرُ جَمْعِ الذُّكُورِ الْغَائِبِ فِي قَوْلِهِ: فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ ولَنُخْرِجَنَّهُمْ عَائِدَةٌ إِلَى الْقَوْمِ، أَيْ لَنُخْرِجَنَّ مَنْ نُخْرِجُ مِنَ الْأَسْرَى.

وَقَوْلُهُ: فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ غَزْوَ بَلَدِهَا بِنَفْسِهِ، فَتَكُونُ الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ إِرْسَالَ جُنُودٍ لِغَزْوِهَا فَتَكُونُ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ كَالَّتِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ [الْبَقَرَة: ١٧] أَيْ أَذْهَبَهُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى: فَلْنُؤْتِيَنَّهُمْ جُنُودًا، أَيْ نَجْعَلُهَا آتِيَةً إِيَّاهُمْ.

وَالْقِبَلُ: الطَّاقَةُ. وَأَصْلُهُ الْمُقَابَلَةُ فَأُطْلِقَ عَلَى الطَّاقَةِ لِأَنَّ الَّذِي يُطِيقُ شَيْئًا يَثْبُتُ لِلِقَائِهِ وَيُقَابِلُهُ. فَإِذَا لَمْ يُطِقْهُ تَقَهْقَرَ عَنْ لِقَائِهِ. وَلَعَلَّ أَصْلَ هَذَا الِاسْتِعْمَالِ نَاظِرٌ إِلَى الْمُقَابَلَةِ فِي الْقِتَالِ.

وَالْبَاءُ فِي بِها لِلسَّبَبِيَّةِ، أَيِ انْتَفَى قِبَلَهُمْ بِسَبَبِهَا، أَوْ تَكُونُ الْبَاءُ لِلْمُصَاحَبَةِ، أَيِ انْتَفَى قِبَلَهُمُ الْمُصَاحِبُ لَهَا، أَيْ لِلْقُدْرَةِ عَلَى لِقَائِهَا.

وَضَمِيرُ بِها لِلْجُنُودِ وَضَمِيرُ مِنْها لِلْمَدِينَةِ، وَهِيَ مَأْرِبَ، أَيْ يُخْرِجُهُمْ أَسْرَى وَيَأْتِي بِهِمْ إِلَى مَدِينَتِهِ.

وَالصَّاغِرُ: الذَّلِيلُ، اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ صَغُرَ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى ذَلَّ وَمَصْدَرُهُ الصَّغَارُ. وَالْمُرَادُ: ذُلُّ الْهَزِيمَة والأسر.