ثَوَابًا لَكِنْ فِي أُمَّةٍ أُخْرَى أَوْ بِمِثْلِهَا كَذَلِكَ.
(٩) إِنْسَاءُ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ بِمَعْنَى بَقَائِهَا غَيْرَ مَنْسُوخَةٍ إِلَى أَمَدٍ مَعْلُومٍ مَعَ الْإِتْيَانِ بِخَيْرٍ مِنْهَا فِي بَابٍ آخَرَ أَعَمُّ مَصْلَحَةً أَوْ بِمِثْلِهَا فِي بَابٍ آخَرَ أَيْ مِثْلِهَا مَصْلَحَةً أَوْ ثَوَابًا مِثْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ فِي وَقْتِ الصَّلَوَاتِ وَيَنْزِلُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ تَحْرِيمُ الْبَيْعِ فِي وَقْتِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ.
(١٠) نِسْيَانُ شَرِيعَةٍ بِمَعْنَى اضْمِحْلَالُهَا كَشَرِيعَةِ آدَمَ وَنُوحٍ مَعَ مَجِيءِ شَرِيعَةِ مُوسَى وَهِيَ أَفْضَلُ وَأَوْسَعُ وَشَرِيعَةِ إِدْرِيسَ مَثَلًا وَهِيَ مِثْلُ شَرِيعَةِ نُوحٍ.
(١١) نِسْيَانُ حُكْمِ شَرِيعَةٍ مَعَ مَجِيءِ خَيْرٍ مِنْهُ أَوْ مِثْلِهِ، كَانَ فِيمَا نَزَلَ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ ثُمَّ نُسِيَا مَعًا وَجَاءَتْ آيَةُ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ [النِّسَاء: ٢٣] عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْكُلُّ مُتَمَاثِلٌ فِي إِثْبَاتِ الرَّضَاعَةِ وَلَا مَشَقَّةَ عَلَى الْمُكَلَّفِينَ فِي رَضْعَةٍ أَوْ عَشْرٍ لِقُرْبِ الْمِقْدَارِ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ النِّسْيَانِ التَّرْكُ وَهُوَ حِينَئِذٍ يَرْجِعُ مَعْنَاهُ وَصُوَرُهُ إِلَى مَعْنَى وَصُوَرِ الْإِنْسَاءِ بِمَعْنَى التَّأْخِيرِ.
وَالْمَقْصِدُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها إِظْهَارُ مُنْتَهَى الْحِكْمَةِ وَالرَّدِّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَهُمُّهُمْ أَنْ تُنْسَخَ شَرِيعَةٌ بِشَرِيعَةٍ أَوْ حُكْمٌ فِي شَرِيعَةٍ بِحُكْمٍ آخَرَ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فِي حِكْمَتِهِ وَلَا رُبُوبِيَّتِهِ لِأَنَّهُ مَا نَسَخَ شَرْعًا أَوْ حُكْمًا وَلَا تَرَكَهُ إِلَّا وَهُوَ قَدْ عَوَّضَ النَّاسَ مَا هُوَ أَنْفَعُ لَهُمْ مِنْهُ حِينَئِذٍ أَوْ مَا هُوَ مِثْلُهُ مِنْ حَيْثُ الْوَقْتِ وَالْحَالِ، وَمَا أَخَّرَ حُكْمًا فِي زَمَنٍ ثُمَّ أَظْهَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا وَقَدْ عَوَّضَ النَّاسَ فِي إِبَّانِ تَأْخِيرِهِ مَا يَسُدُّ مَسَدَّهُ بِحَسَبِ أَحْوَالِهِمْ، وَذَلِكَ مَظْهَرُ الرُّبُوبِيَّةِ فَإِنَّهُ يَرُبُّ الْخَلْقَ وَيَحْمِلُهُمْ عَلَى مَصَالِحِهِمْ مَعَ الرِّفْقِ بِهِمْ وَالرَّحْمَةِ، وَمُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى فِي تِلْكَ الْأَزْمِنَةِ وَالْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَاحِدٌ وَهُوَ حِفْظُ نِظَامِ الْعَالَمِ وَضَبْطُ تَصَرُّفِ النَّاسِ فِيهِ عَلَى وَجْهٍ يَعْصِمُ أَحْوَالَهُمْ مِنَ الِاخْتِلَالِ بِحَسَبِ الْعُصُورِ وَالْأُمَمِ وَالْأَحْوَالِ إِلَى أَنْ جَاءَ بِالشَّرِيعَةِ الْخَاتِمَةِ وَهِيَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ النَّاسِ وَلِذَلِكَ قَالَ: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [آل عمرَان: ١٩] وَقَالَ أَيْضًا: شَرَعَ لَكُمْ
مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً
[الشورى: ١٣] الْآيَةَ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِخَيْرٍ أَوْ بِمِثْلٍ رَاجِعٌ إِلَى كُلٍّ مِنَ النَّسْخِ وَالْإِنْسَاءِ فَيَكُونُ الْإِتْيَانُ بِخَيْرٍ مِنَ الْمَنْسُوخَةِ أَوِ الْمُنْسَاةِ أَوْ بِمِثْلِهَا وَلَيْسَ الْكَلَامُ مِنَ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى:
نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها هُوَ إِمَّا إِتْيَانُ تَعْوِيضٍ أَوْ إِتْيَانُ تَعْزِيزٍ. وَتَوْزِيعُ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute