تَزَوُّجُ أَمْثَالِهَا، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَمْ تَسْتَوْفِ هَذَا الْوَصْفَ لَا يَجُوزُ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَزَوُّجُهَا، وَهُوَ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ
الْجُمْهُورُ، وَيُؤَيِّدُهُ خَبَرٌ رُوِيَ عَن أمّ هاني بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَجُوزُ لِرِجَالِ أُمَّتِهِ نِكَاحُ أَمْثَالِهَا. وَبِاعْتِبَارِ عَدَمِ تَقْيِيدِ نِسَاءِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَدَدٍ يكون هَذَا الْإِطْلَاق خَاصًّا بِهِ دُونَ أُمَّتِهِ إِذْ لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ تَزَوُّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ.
وَبَنَات عمّ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَّ بَنَاتُ إِخْوَةِ أَبِيهِ مِثْلُ: بَنَاتِ الْعَبَّاسِ وَبَنَاتِ أَبِي طَالِبٍ وَبَنَاتِ أَبِي لَهَبٍ. وَأَمَّا بَنَاتُ حَمْزَةَ فَإِنَّهُنَّ بَنَاتُ أَخٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ لَا يَحْلِلْنَ لَهُ، وَبَنَاتُ عَمَّاتِهِ هُنَّ بَنَاتُ عَبْدِ الْمَطَّلِبِ مِثْلُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ الَّتِي هِيَ بِنْتُ أُمَيْمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
وَبَنَاتُ خَالِهِ هُنَّ بَنَاتُ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ وَهن أخوال النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبَدُ يَغُوثَ بْنُ وَهْبٍ أَخُو آمِنَةَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّ لَهُ بَنَاتٍ، كَمَا أَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى ذِكْرِ خَالَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ فِيمَا رَأَيْتُ مَنْ كُتُبِ الْأَنْسَابِ وَالسَّيَرِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي «الْإِصَابَةِ» فُرَيْعَةَ بِنْتَ وَهْبٍ وَذَكَرُوا هَالَةَ بِنْتَ وَهْبٍ الزُّهْرِيَّةَ إِلَّا أَنَّهَا لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَابْنَتُهَا صَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ فَقَدْ دَخَلَتْ مِنْ قَبْلُ فِي بَنَاتِ عَمِّهِ.
وَإِنَّمَا أَفْرَدَ لَفْظَ (عَمٍّ) وَجَمَعَ لَفْظَ (عَمَّاتٍ) لِأَنَّ الْعَمَّ فِي اسْتِعْمَالِ كَلَامِ الْعَرَبِ يُطْلَقُ عَلَى أَخِي الْأَبِ وَيُطْلَقُ عَلَى أَخِي الْجَدِّ وَأَخِي جَدِّ الْأَبِ وَهَكَذَا فَهِمَ يَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ بَنُو عَمٍّ أَوْ بَنَاتُ عَمِّ، إِذَا كَانُوا لِعَمٍّ وَاحِدٍ أَوْ لِعِدَّةِ أَعْمَامٍ، وَيُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنَ الْقَرَائِنِ. قَالَ الرَّاجِزُ أَنْشَدَهُ الْأَخْفَشُ:
مَا بَرِئَتْ مِنْ رِيبَةٍ وَذَمٍّ ... فِي حَرْبِنَا إِلَّا بَنَاتُ الْعَمِّ
وَقَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ:
قَالَتْ بَنَاتُ الْعَمِّ يَا سَلْمَى وَإِنْ ... كَانَ فَقِيرًا مُعْدَمًا قَالَتْ وَإِنْ
فَأَمَّا لَفْظُ (الْعَمَّةِ) فَإِنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ الْجِنْسَ فِي كَلَامِهِمْ، فَإِذَا قَالُوا: هَؤُلَاءِ بَنُو عَمَّةٍ، أَرَادُوا أَنَّهُمْ بَنو عمَّة معيّنة، فَجِيءَ فِي الْآيَة: عَمَّاتِكَ جمعا لِئَلَّا يفهم مِنْهُ بَنَات عمَّة مُعينَة. وَكَذَلِكَ القَوْل فِي إِفْرَاد لفظ (الْخَال) مِنْ قَوْلِهِ: بَناتِ خالِكَ وَجَمْعُ الْخَالَةِ فِي قَوْلِهِ: وَبَناتِ خالاتِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute