للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذِهِ إِلَّا قَلِيلًا فَتُوُفِّيَتْ وَكَانَ تَزَوُّجُهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنِ الْهِجْرَةِ فَلَيْسَتْ مِمَّا شَمَلَتْهُ الْآيَةُ. وَلَمْ يثبت أَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ غَيْرَهَا مِمَّنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا إِلَيْهِ وَهُنَّ: أُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ جَابِرٍ الدَّوْسِيَّةُ وَاسْمُهَا عِزِّيَّةُ، وَخَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ عَرَضَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهَا فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَمَا تَسْتَحْيِي الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسهَا لِلرَّجُلِ، وَامْرَأَةٌ أُخْرَى عَرَضَتْ نَفسهَا على النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رَوَى ثَابِتٌ الْبَنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَكَ حَاجَةٌ بِي؟ فَقَالَتِ ابْنَةُ أَنَسٍ- وَهِيَ تَسْمَعُ إِلَى رِوَايَةِ أَبِيهَا-: مَا أقل حياءها ووا سوأتاه وَا سوأتاه. فَقَالَ أَنَسٌ: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ رَغِبَتْ فِي النبيء فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا» .

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُجِبْهَا. فَقَالَ رَجُلٌ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا، إِلَى أَنْ قَالَ لَهُ، مَلَّكْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ»

فَهَذَا

الصِّنْفُ حُكْمُهُ خَاصٌّ بِالنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَنَّهُ نِكَاحٌ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ بِدُونِ مَهْرٍ وَبِدُونِ وَلِيٍّ.

وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ النِّسْوَةَ اللَّاتِي وهبْنَ أَنْفسهنَّ للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعٌ هُنَّ: مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيَّةُ الْمُلَقَّبَةُ أُمُّ الْمَسَاكِينِ، وَأُمُّ شَرِيكٍ بِنْتُ جَابِرٍ الْأَسَدِيَّةُ أَوِ الْعَامِرِيَّةُ، وَخَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ بِنْتِ الْأَوْقَصِ السُّلَمِيَّةُ. فَأَمَّا الْأُولَيَانِ فَتَزَوَّجَهُمَا النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمَا مِنْ أُمَّهَات الْمُؤمنِينَ والأخريان لم يتزوجهما.

وَمَعْنَى وَهَبَتْ نَفْسَها للنبيء أَنَّهَا مَلَّكَتْهُ نَفْسَهَا تَمْلِيكًا شَبِيهًا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلِهَذَا عُطِفَتْ عَلَى مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ، وأردفت بِقَوْلِهِ: خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ خَاصَّةً لَكَ أَنْ تَتَّخِذَهَا زَوْجَةً بِتِلْكَ الْهِبَةِ، أَيْ دُونَ مَهْرٍ وَلَيْسَ لِبَقِيَّةِ الْمُؤْمِنِينَ ذَلِكَ. وَلِهَذَا لَمَّا وَقَعَ

فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ امْرَأَةً وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِمَ الرَّجُلُ الْحَاضِرُ أَنَّ النَّبِيءَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا حَاجَةَ لَهُ بهَا سَأَلَ النبيء عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يُزَوِّجَهُ إِيَّاهَا عِلْمًا مِنْهُ بِأَنَّ تِلْكَ الْهِبَةَ لَا مَهْرَ مَعَهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلرَّجُلِ مَا يَصْدُقُهَا إِيَّاهُ، وَقد علم النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ مَا عِنْدَكَ؟ قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. قَالَ: اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ وَلَا خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنَّ هَذَا إِزَارِي فَلَهَا نِصْفُهُ. قَالَ سَهْلٌ: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رِدَاءٌ، فَقَالَ النَّبِيءُ: «وَمَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ- ثُمَّ قَالَ لَهُ- مَاذَا