وَكُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ كَالْجَوابِ بِدُونِ يَاءٍ بَعْدَ الْمُوَحَّدَةِ. وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِدُونِ يَاءٍ فِي حَالَيِ الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي الْحَالَيْنِ. وَقَرَأَ وَرْشٌ عَنْ نَافِعٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ فِي حَالِ الْوَصْلِ وَبِحَذْفِهَا فِي حَالِ الْوَقْفِ.
وَالْقُدُورُ: جَمْعُ قِدْرٍ وَهِيَ إِنَاءٌ يُوضَعُ فِيهِ الطَّعَامُ لِيُطْبَخَ مِنْ لَحْمٍ وَزَيْتٍ وَأَدْهَانٍ وَتَوَابِلَ. قَالَ النَّابِغَةُ فِي النُّعْمَانِ بْنِ الْحَارِثِ الْجُلَاحِيِّ:
لَهُ بِفِنَاءِ الْبَيْتِ سَوْدَاءُ فَخْمَةٌ ... تُلَقَّمُ أَوْصَالَ الْجَزُورِ الْعُرَاعِرِ
بَقِيَّةُ قِدْرٍ مِنْ قُدُورٍ تُوُرِّثَتْ ... لِآلِ الْجُلَاحِ كَابِرًا بَعْدَ كَابِرِ
أَيْ تَسَعُ قَوَائِمَ الْبَعِيرِ إِذَا وُضِعَتْ فِيهِ لِتُطْبَخَ مَرَقًا وَنَحْوَهُ.
وَهَذِهِ الْقُدُورُ هِيَ الَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا لِجُنْدِ سُلَيْمَانَ وَلِسَدَنَةِ الْهَيْكَلِ وَلِخَدَمِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَقَدْ وَرَدَ ذِكْرُ الْقُدُورِ إِجْمَالًا فِي الْفِقْرَةِ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ مِنَ الْإِصْحَاحِ الرَّابِعِ مِنْ سِفْرِ الْأَيَّامِ الثَّانِي.
وَالرَّاسِيَاتُ: الثَّابِتَاتُ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا تُنْزَلُ مِنْ فَوْقِ أَثَافِيِّهَا لِتَدَاوُلِ الطَّبْخِ فِيهَا صَبَاحَ مَسَاءَ.
وَجُمْلَةُ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً مَقُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ قُلْنَا: اعْمَلُوا يَا آلَ دَاوُدَ، وَمَفْعُولُ اعْمَلُوا مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: شُكْراً. وَتَقْدِيرُهُ: اعْمَلُوا صَالِحًا، كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا، عَمَلًا لَشُكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، فَانْتَصَبَ شُكْراً عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ. وَالْخِطَابُ لِسُلَيْمَانَ وَآلِهِ.
وَذُيِّلَ بِقَوْلِهِ: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ فَهُوَ مِنْ تَمَامِ الْمَقُولِ، وَفِيهِ حَثٌّ عَلَى الِاهْتِمَامِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا التَّذْيِيلُ كَلَامًا جَدِيدًا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ، أَيْ قُلْنَا ذَلِكَ لِآلِ دَاوُدَ فَعَمِلَ مِنْهُمْ قَلِيلٌ وَلَمْ يَعْمَلْ كَثِيرٌ وَكَانَ سُلَيْمَانُ مِنْ أَوَّلِ الْفِئَةِ الْقَلِيلَةِ.
والشَّكُورُ: الْكَثِيرُ الشُّكْرِ. وَإِذْ كَانَ الْعَمَلُ شُكْرًا أَفَادَ أَنَّ العاملين قَلِيل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute