للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ الَخْ اعْتِرَاضًا بَيْنَ جُمْلَةِ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ [سبأ: ٣٦] وَجُمْلَةُ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ

مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ [سبأ: ٣٩] وَتَكُونُ ضَمَائِرُ الْخِطَابِ مُوَجَّهَةً إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ الْمُخَاطَبِينَ بِالْقُرْآنِ مِنْ مُؤْمِنِينَ وكافرين. وَعَلِيهِ فَيكون قَوْلُهُ: إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً الَخْ مُسْتَثْنًى مِنْ ضَمِيرِ الْخِطَابِ، أَيْ مَا أَمْوَالُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْكُمْ، وَتَكُونُ جُمْلَةُ فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ بِما عَمِلُوا ثَنَاءً عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ.

وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ فِي الْإِخْبَارِ عَنْ مَنْ آمَنَ لِلتَّنْوِيهِ بِشَأْنِهِمْ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُمْ جَدِيرُونَ بِمَا يَرِدُ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ مِنْ أَجْلِ تِلْكَ الْأَوْصَافِ الَّتِي تَقَدَّمَتِ اسْمَ الْإِشَارَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ [الْبَقَرَة: ٥] وَغَيْرِهِ. وَوِزَانُ هَذَا الْمَعْنَى وِزَانُ قَوْلِهِ: لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتاعٌ قَلِيلٌ إِلَى قَوْلِهِ: لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ [آل عمرَان: ١٩٨] الْآيَة.

والضِّعْفِ الْمُضَاعَفُ الْمُكَرَّرُ فَيَصْدُقُ بِالْمُكَرَّرِ مَرَّةً وَأَكْثَرَ.

وَفِي الْحَدِيثِ «وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ»

وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ [الْبَقَرَة: ٢٦١] .

وَإِضَافَةُ جَزاءُ إِلَى الضِّعْفِ إِضَافَةٌ بَيَانِيَّةٌ، أَيِ الْجَزَاءُ الَّذِي هُوَ الْمُضَاعَفَةُ لِأَعْمَالِهِمْ، أَيْ لِمَا تَسْتَحِقُّهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَكُنِّيَ عَنِ التَّقْرِيبِ بِمُضَاعَفَةِ الْجَزَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَمَارَةُ كَرَامَةِ الْمَجْزِيِّ عِنْدَ اللَّهِ، أَي أُولَئِكَ الَّذين يَقْرُبُونَ زُلْفَى فَيُجْزَوْنَ جَزَاءَ الضِّعْفِ عَلَى أَعْمَالِهِمْ لَا عَلَى وَفْرَةِ أَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ، فَالِاسْتِدْرَاكُ وَرَدَ عَلَى جَمِيعِ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الدَّعْوَى الْبَاطِلَةِ وَالْفَخْرِ الْكَاذِبِ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْأَمْوَالَ وَالْأَوْلَادَ لَا تُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ بِحَالٍ، فَإِنَّ مِنْ أَمْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ صَدَقَاتٍ وَنَفَقَاتٍ، وَمِنْ أَوْلَادِهِمْ أَعْوَانًا عَلَى الْبِرِّ وَمُجَاهِدِينَ وَدَاعِينَ لِآبَائِهِمْ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ.

وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِما عَمِلُوا تَحْتَمِلُ السَّبَبِيَّةَ فَتَكُونُ دَلِيلًا عَلَى مَا هُوَ الْمُضَاعَفُ وَهُوَ مَا يُنَاسِبُ السَّبَبَ مِنَ الصَّالِحَاتِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ [الرَّحْمَن: ٦٠] ، وَتَحْتَمِلُ الْعِوَضَ فَيَكُونُ «مَا عَمِلُوا» هُوَ الْمُجَازَى عَلَيْهِ كَمَا تَقُولُ: