وَالْكُفْرُ: جُحْدٌ فِي كَرَاهَةٍ.
وَالشِّرْكُ أُضِيفَ إِلَى فَاعِلِهِ، أَيْ بِشِرْكِكُمْ إِيَّاهُمْ فِي الْإِلَهِيَّةِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَأُجْرِيَ عَلَى الْأَصْنَامِ مَوْصُولُ الْعَاقِلِ وَضَمَائِرُ الْعُقَلَاءِ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ [فاطر: ١٣] إِلَى قَوْلِهِ: يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ عَلَى تَنْزِيلِ الْأَصْنَامِ مَنْزِلَةَ الْعُقَلَاءِ مُجَارَاةً لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ.
وَقَوْلُهُ: وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ تَذْيِيلٌ لِتَحْقِيقِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِأَنَّ الْمُخْبِرَ بِهَا هُوَ الْخَبِيرُ بِهَا وَبِغَيْرِهَا وَلَا يُخْبِرُكَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا يُخْبِرُكَ هُوَ.
وَعَبَّرَ بِفِعْلِ الْإِنْبَاءِ لِأَنَّ النَّبَأَ هُوَ الْخَبَرُ عَنْ حَدَثٍ خَطِيرٍ مُهِمٍّ.
وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ: يُنَبِّئُكَ لِكُلِّ مَنْ يَصِحُّ مِنْهُ سَمَاعُ هَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ أُرْسِلَتْ مُرْسَلَ الْأَمْثَالِ فَلَا يَنْبَغِي تَخْصِيصُ مَضْمُونِهَا بِمُخَاطَبٍ مُعَيَّنٍ.
وخَبِيرٍ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ مُشْتَقَّةٌ مِنْ خَبُرَ، بِضَمِّ الْبَاءِ، فُلَانٌ الْأَمْرَ، إِذَا عَلِمَهُ عِلْمًا لَا شَكَّ فِيهِ. وَالْمُرَادُ بِ خَبِيرٍ جِنْسُ الْخَبِيرِ، فَلَمَّا أَرْسَلَ هَذَا الْقَوْلَ مَثَلًا وَكَانَ شَأْنُ الْأَمْثَالِ أَنْ تَكُونَ مُوجَزَةً صِيغَ عَلَى أُسْلُوبِ الْإِيجَازِ فَحُذِفَ مِنْهُ متعلّق فعل (ينبّىء) ومتعلّق وَصْفِ خَبِيرٍ، وَلَمْ يُذْكَرْ وَجْهُ الْمُمَاثَلَةِ لِعِلْمِهِ مِنَ الْمَقَامِ. وَجُعِلَ خَبِيرٍ نَكِرَةً مَعَ أَن المُرَاد بِهِ خَبِيرٌ مُعَيَّنٌ وَهُوَ الْمُتَكَلِّمُ فَكَانَ حَقُّهُ التَّعْرِيفَ، فَعُدِلَ إِلَى تَنْكِيرِهِ لِقَصْدِ التَّعْمِيمِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ لِأَنَّ إِضَافَةَ كَلِمَةِ مِثْلُ إِلَى خَبِير لَا تفيده تَعْرِيفًا. وَجُعِلَ نَفْيُ فِعْلِ الْإِنْبَاءِ كِنَايَةً عَنْ نَفْيِ الْمُنْبِئِ. وَلَعَلَّ التَّرْكِيبَ: وَلَا يُوجَدُ أَحَدٌ يُنَبِّئُكَ بِهَذَا الْخَبَرِ يُمَاثِلُ هَذَا الْخَبِيرَ الَّذِي أَنْبَأَكَ بِهِ، فَإِذَا أَرْدَفَ مُخْبِرٌ خَبَرَهُ بِهَذَا الْمَثَلِ كَانَ ذَلِكَ كِنَايَةً عَنْ كَوْنِ الْمُخْبِرِ بِالْخَبَرِ الْمَخْصُوصِ يُرِيدُ بِ خَبِيرٍ نَفْسَهُ لِلتَّلَازُمِ بَيْنَ مَعْنَى هَذَا الْمَثَلِ وَبَيْنَ تَمَثُّلِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْهُ.
فَالْمَعْنَى: وَلَا يُنَبِّئُكَ بِهَذَا الْخَبَرِ مِثْلِي لِأَنِّي خَبِرْتُهُ، فَهَذَا تَأْوِيلُ هَذَا التَّرْكِيب وَقد أغفل المفسّرون بَيَان هَذَا التَّرْكِيبِ.
وَالْمِثْلُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ: الْمُسَاوِي إِمَّا فِي قَدْرٍ فَيَكُونُ بِمَعْنَى ضَعْفٍ، وَإِمَّا الْمُسَاوِي فِي صِفَةٍ فَيَكُونُ بِمَعْنَى شَبِيهٍ وَهُوَ بِوَزْن فعل بِمَعْنى فَاعل وَهُوَ قَلِيلٌ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: شِبْهٌ، وندّ، وخدن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute