يَرْجُو مِنَ الْمُخْبَرِ عَنْهُمْ أَنْ يَحْصُلَ لَهُمْ خَبَرُ (لَعَلَّ) ، وَذِكْرُ حَرْفُ (لَعَلَّ) رمز لرديف الْمُشبه بِهِ فَتَكُونُ جُمْلَةَ لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ آلِهَةً وَبَيْنَ صِفَتِهِ وَهِيَ جُمْلَةُ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ جَرَى عَلَى مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ أَوْ تَهَكُّمِيٌّ وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ أَيْضًا، وَإِمَّا أَنْ يُجْعَلَ الرَّجَاءُ مُنْصَرِفًا إِلَى رَجَاءِ الْمُخْبَرِ عَنْهُمْ، أَيْ رَاجِينَ أَنْ تَنْصُرَهُمْ تِلْكَ الْآلِهَةُ وَعَلَى تَقْدِيرِ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ قَائِلِينَ: لَعَلَّنَا نُنْصَرُ، وَحُكِيَ يُنْصَرُونَ بِالْمَعْنَى عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ فِي حِكَايَةِ الْأَقْوَالِ تَقُولُ: قَالَ أَفْعَلُ كَذَا، وَقَالَ يَفْعَلُ كَذَا، وَتَكُونُ جُمْلَةُ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ اسْتِئْنَافًا لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ. وَإِمَّا أَنْ تَجْعَلَ (لَعَلَّ) لِلتَّعْلِيلِ عَلَى مَذْهَبِ الْكِسَائِيِّ فَتَكُونُ جُمْلَةُ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ اسْتِئْنَافًا.
وَالْمَقْصُودُ: الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْكُفَّارَ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْأَصْنَامَ تَشْفَعُ لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَيَقُولُونَ: هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ [يُونُس: ١٨] وَهُمْ سَالِكُونَ فِي هَذَا الزَّعْمِ مَسْلَكَ مَا يَأْلَفُونَهُ مِنَ الِاعْتِزَازِ بِالْمُوَالَاةِ وَالْحِلْفِ بَيْنَ الْقَبَائِلِ وَالِانْتِمَاءِ إِلَى قَادَتِهِمْ، فَبِمِقْدَارِ كَثْرَةِ الْمَوَالِي تَكُونُ عِزَّةُ الْقَبِيلَة فقاسوا شؤونهم مَعَ رَبهم على شؤونهم الْجَارِيَةِ بَيْنَهُمْ وَقِيَاسُ أُمُورِ الْإِلَهِيَّةِ عَلَى أَحْوَالِ الْبَشَرِ مِنْ أَعْمَقِ مَهَاوِي الضَّلَالَةِ.
وَأجْرِي عَلَى الْأَصْنَامِ ضَمِيرُ جَمْعِ الْعُقَلَاءِ فِي قَوْلِهِ: لَا يَسْتَطِيعُونَ لِأَنَّهُمْ سَمَّوْهُمْ
بِأَسْمَاءِ الْعُقَلَاءِ وَزَعَمُوا لَهُمْ إِدْرَاكًا.
وَضَمِيرُ وَهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ إِلَى آلِهَةً تَبَعًا لِضَمِيرِ لَا يَسْتَطِيعُونَ. وَضَمِيرِ لَهُمْ لِلْمُشْرِكِينَ، أَيْ وَالْأَصْنَامُ لِلْمُشْرِكِينَ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ، وَالْجُنْدُ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ.
وَالْمُحْضَرُ الَّذِي جِيءَ بِهِ لِيَحْضُرَ مَشْهَدًا. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ النَّصْرَ مَعَ حُضُورِهِمْ فِي مَوْقِفِ الْمُشْرِكِينَ لِمُشَاهَدَةِ تَعْذِيبِهِمْ وَمَعَ كَوْنِهِمْ عَدَدًا كَثِيرًا وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى نَصْرِ الْمُتَمَسِّكِينَ بِهِمْ، أَيْ هُمْ عَاجِزُونَ عَنْ ذَلِكَ، وَهَذَا تَأْيِيسٌ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ نَفْعِ أَصْنَامِهِمْ.
وَيَجُوزُ الْعَكْسُ، أَيْ وَالْمُشْرِكُونَ جُنْدٌ لِأَصْنَامِهِمْ مُحَضَرُونَ لِخِدْمَتِهَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا إِخْبَارًا عَنْ حَالِهِمْ مَعَ أَصْنَامِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute