للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ نَكِرَةٌ بَعْدَ لَا النَّافِيَةِ أَفَادَ انْتِفَاءَ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ أَصْلِهِ، وَوَجَبَ رَفْعُهُ لِوُقُوعِ الْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَرْفِ النَّفْيِ بِالْخَبَرِ.

وَجُمْلَةُ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ لَا فِيها غَوْلٌ.

وَقَدَّمَ الْمُسْنَدَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُسْنَدِ، وَالْمُسْنَدُ فِعْلٌ لِيُفِيدَ التَّقْدِيمُ تَخْصِيصَ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ بِالْخَبَرِ الْفِعْلِيِّ، أَيْ بِخِلَافِ شَارِبِي الْخَمْرِ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا.

ويُنْزَفُونَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ يُقَالُ: نُزِفَ الشَّارِبُ، بِالْبِنَاءِ

لِلْمَجْهُولِ إِذَا كَانَ مُجَرَّدًا (وَلَا يُبْنَى لِلْمَعْلُومِ) فَهُوَ مَنْزُوفٌ وَنَزِيفٌ، شَبَّهُوا عَقْلَ الشَّارِبِ بِالدَّمِ يُقَالُ: نُزِفَ دَمُ الْجَرِيحِ، أَيْ أُفْرِغَ. وَأَصْلُهُ مِنْ: نَزَفَ الرَّجُلُ مَاءَ الْبِئْرِ مُتَعَدِّيًا، إِذَا نَزَحَهُ وَلَمْ يبْق مِنْهُ شَيْئا. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ يُنْزَفُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الزَّايِ مِنْ أُنْزِفَ الشَّارِبُ، إِذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ، أَيْ صَارَ ذَا نَزْفٍ، فَالْهَمْزَةُ لِلصَّيْرُورَةِ لَا لِلتَّعْدِيَةِ.

وقاصِراتُ الطَّرْفِ أَيْ حَابِسَاتُ أَنْظَارِهِنَّ حَيَاءً وَغُنْجًا. وَالطَّرَفُ: الْعَيْنُ، وَهُوَ مُفْرَدٌ لَا جَمْعَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ لِأَنَّ أَصْلَ الطَّرَفِ مَصْدَرُ: طَرَفَ بِعَيْنِهِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ، إِذَا حَرَّكَ جَفْنَيْهِ، فَسُمِّيَتِ الْعَيْنُ طَرْفًا، فَالطَّرْفُ هُنَا الْأَعْيُنُ، أَيْ قَاصِرَاتُ الْأَعْيُنِ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ فِي سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ [٤٣] ، وَقَوْلِهِ: قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فِي سُورَةِ النَّمْلِ [٤٠] .

وَذُكِرَ «عِنْدَ» لِإِفَادَةِ أَنَّهُنَّ مُلَابِسَاتٌ لَهُمْ فِي مَجَالِسِهِمُ الَّتِي تُدَارُ عَلَيْهِمْ فِيهَا كَأْسُ الْجَنَّةِ، وَكَانَ حُضُورُ الْجَوَارِي مَجَالِسَ الشَّرَابِ مِنْ مُكَمِّلَاتِ الْأُنْسِ وَالطَّرَبِ عِنْدَ سَادَةِ الْعَرَبِ، قَالَ طَرْفَةُ:

نَدَامَايَ بِيضٌ كَالنُّجُومِ وَقَيْنَةٌ ... تَرُوحُ عَلَيْنَا بَيْنَ بَرْدٍ وَمِجْسَدِ

وعِينٌ جَمْعُ: عَيْنَاءَ، وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْوَاسِعَةُ الْعَيْنِ النَّجْلَاوَتُهَا.

وَالْبَيْضُ الْمَكْنُونُ: هُوَ بَيْضُ النَّعَامِ، وَالنَّعَامُ يُكِنُّ بَيْضَهُ فِي حُفَرٍ فِي الرَّمْلِ وَيَفْرِشُ لَهَا مِنْ دَقِيقِ رِيشِهِ، وَتُسَمَّى تِلْكَ الْحُفَرُ: الْأُدَاحِيَّ، وَاحِدَتُهَا أُدْحِيَّةٌ بِوَزْنِ أُثْفِيَّةٍ. فَيَكُونُ الْبَيْضُ شَدِيدَ لَمَعَانِ اللَّوْنِ وَهُوَ أَبْيَضُ مَشُوبٌ بَيَاضُهُ بِصُفْرَةٍ