للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْبَنَّاءُ: الَّذِي يَبْنِي وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مَصُوغٌ عَلَى زِنَةِ الْمُبَالَغَةِ لِلِدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنَى الصِّنَاعَةِ مِثْلُ نَجَّارٍ وَقَصَّارٍ وَحَدَّادٍ.

وَالْغَوَّاصُ: الَّذِي يَغُوصُ فِي الْبَحْرِ لِاسْتِخْرَاجِ مَحَارِ اللُّؤْلُؤِ، وَهُوَ أَيْضًا مِمَّا صِيغَ عَلَى وَزْنِ الْمُبَالَغَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الصِّنَاعَةِ، قَالَ النَّابِغَةُ:

أَوْ دُرَّةٌ صَدَفِيَّةٌ غَوَّاصُهَا ... بَهِجٌ مَتَى يَرَهَا يُهِلَّ وَيَسْجُدِ

قَالَ تَعَالَى: وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذلِكَ [الْأَنْبِيَاء: ٨٢] .

وَقَدْ بَلَغَتِ الصِّنَاعَةُ فِي مُلْكِ سُلَيْمَانَ مَبْلَغًا مِنَ الْإِتْقَانِ وَالْجَوْدَةِ وَالْجَلَالِ، وَنَاهِيكَ

بِبِنَاءِ هَيْكَلِ أُورْشَلِيمَ وَهُوَ الَّذِي سُمِّيَ فِي الْإِسْلَامِ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى وَمَا جُلِبَ إِلَيْهِ مِنْ مَوَادِّ إِقَامَتِهِ مِنَ الْمَمَالِكِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ، وَكَذَلِكَ الصَّرْحُ الَّذِي أَقَامَهُ وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ فِيهِ مَمْلَكَةُ سَبَأٍ.

وآخَرِينَ عَطْفٌ عَلَى كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ بَدَلِ الْبَعْضِ. وَجَمْعُ آخَرٍ بِمَعْنَى مُغَايِرٍ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُغَايَرَةُ فِي النَّوْعِ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ الْجِنِّ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُغَايَرَةُ فِي الصِّفَةِ، أَيْ غَيْرَ بَنَّائِينَ وَغَوَّاصِينَ. وَقَدْ كَانَ يُجْلَبُ مِنَ الْمَمَالِكِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ وَالدَّاخِلَةِ تَحْتَ ظِلِّ سُلْطَانِهِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي بِنَاءِ الْقُصُورِ وَالْحُصُونِ وَالْمُدُنِ وَكَانَتْ مَمْلَكَتُهُ عَظِيمَةً وَكُلُّ الْمُلُوكِ يَخْشَوْنَ بَأْسَهُ وَيُصَانِعُونَهُ.

وَالْمُقَرَّنُ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ قَرَنَهُ مُبَالَغَةً فِي قَرْنِهِ أَيْ جَعْلُهُ قَرِينًا لِغَيْرِهِ لَا يَنْفَكُّ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ.

والْأَصْفادِ: جَمْعُ صَفَدٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْقَيْدُ. يُقَالُ: صَفَّدَهُ، إِذَا قَيَّدَهُ. وَهَذَا صِنْفٌ مِمَّنْ عُبِّرَ عَنْهُمْ بِالشَّيَاطِينِ شَدِيدُ الشَّكِيمَةِ يُخْشَى تَفَلُّتُهُ وَيُرَامُ أَنْ يَسْتَمِرَّ يَعْمَلُ أَعْمَالًا لَا يُجِيدُهَا غَيْرُهُ فَيُصَفَّدُ فِي الْقُيُودِ لِيَعْمَلَ تَحْتَ حِرَاسَةِ الْحُرَّاسِ. وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الرَّأْيِ مِنَ الْمُلُوكِ يَجْعَلُونَ أَصْحَابَ الْخَصَائِصِ فِي الصِّنَاعَاتِ مَحْبُوسِينَ حَيْثُ لَا يَتَّصِلُونَ بِأَحَدٍ لِكَيْلَا يَسْتَهْوِيَهُمْ جَوَاسِيسُ مُلُوكٍ آخَرِينَ يَسْتَصْنِعُونَهُمْ لِيَتَخَصَّصَ أَهْلُ تِلْكَ الْمَمْلَكَةِ بِخَصَائِصِ تِلْكَ الصِّنَاعَاتِ فَلَا تُشَارِكُهَا فِيهَا مَمْلَكَةٌ أُخْرَى وَبِخَاصَّةٍ فِي صُنْعِ آلَاتِ الْحَرْبِ مِنْ سُيُوفٍ وَنِبَالٍ وَقِسِيٍّ وَدَرَقٍ وَمِجَانٍ وَخُوَذٍ وَبَيْضَاتٍ وَدُرُوعٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى: مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ