وَالْمَيِّتُ: هُوَ مَنِ اتَّصَفَ بِالْمَوْتِ، أَيْ زَالَتْ عَنْهُ الْحَيَاةُ، وَمِثْلُهُ: الْمَيْتُ بِتَخْفِيفِ
السُّكُونِ عَلَى الْيَاءِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا خِلَافًا لِلْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ.
وَتَأْكِيدُ جُمْلَةِ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ لِرَدِّ إِنْكَارِ الْمُشْرِكِينَ الْبَعْثَ.
وَتَقْدِيمُ عِنْدَ رَبِّكُمْ عَلَى تَخْتَصِمُونَ لِلِاهْتِمَامِ وَرِعَايَةِ الْفَاصِلَةِ.
وَالِاخْتِصَامُ: كِنَايَةٌ عَنِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ، أَيْ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا اخْتَصَمْتُمْ فِيهِ فِي الدُّنْيَا مِنْ إِثْبَاتِ الْمُشْرِكِينَ آلِهَةً وَإِبْطَالِكُمْ ذَلِكَ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [النَّحْل: ١٢٤] . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِصَامُ أُطْلِقَ عَلَى حِكَايَةِ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا حِينَ تُعْرَضُ أَعْمَالُهُمْ، كَمَا يُقَالُ: هَذَا تَخَاصُمُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، فِي طَالِعِ مَحْضَرِ خُصُومَةٍ وَمُقَاوَلَةٍ بَيْنَهُمَا يُقْرَأُ بَيْنَ يَدَيِ الْقَاضِي.
وَيَجُوزُ أَنْ تُصَوَّرَ خُصُومَةُ بَيْنِ الْفَرِيقَيْنِ يَوْمَئِذٍ لِيَفْتَضِحَ الْمُبْطِلُونَ وَيَبْهَجَ أَهْلُ الْحَقِّ عَلَى نَحْوِ مَا قَالَ تَعَالَى: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [ص: ٦٤] .
وَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَضَمِيرُ إِنَّكُمْ عَائِدٌ إِلَى مَجْمُوعِ مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ إِنَّكَ وإِنَّهُمْ.
وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ كَمَا فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَائِدًا إِلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ وَهُوَ اخْتِصَامُ الظُّلَامَاتِ، وَقَدْ وَرَدَ تَأْوِيلُ الضَّمِيرِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قُلْنَا: كَيْفَ نَخْتَصِمُ وَنَحْنُ إِخْوَانٌ، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَضَرَبَ بَعْضُنَا وَجْهَ بَعْضٍ بِالسَّيْفِ قُلْنَا: هَذَا الْخِصَامُ الَّذِي وَعَدَنَا رَبُّنَا» . وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مِثْلَ مَقَالَةِ ابْنِ عمر وَلَكِن أَبَا سَعِيدٍ قَالَ: «فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ وَشَدَّ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ بِالسُّيُوفِ قُلْنَا: نَعَمْ هُوَ ذَا» . وَسَوَاءٌ شَمِلَتِ الْآيَةُ هَذِهِ الْمَحَامِلَ وَهُوَ الْأَلْيَقُ، أَوْ لَمْ تشملها فالمقصود الْأَصْلِيّ مِنْهَا هُوَ تَخَاصُمُ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute