وَإِيدَاعُ الصَّالِحِينَ فِي دَارِ الثَّوَابِ.
وَابْتُدِئَ فِي الْخَبَرِ بِذِكْرِ مُسْتَحِقِّي الْعِقَابِ لِأَنَّهُ الْأَهَمُّ فِي هَذَا الْمَقَامِ إِذْ هُوَ مَقَامُ إِعَادَةِ الْمَوْعِظَةِ وَالتَّرْهِيبِ لِلَّذِينِ لَمْ يَتَّعِظُوا بِمَا تَكَرَّرَ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْعِظَاتِ مِثْلَ هَذِهِ فَأَمَّا أَهْلُ الثَّوَابِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنْهُمْ فَمَا يُذْكَرُ عَنْهُمْ فَإِنَّمَا هُوَ تَكْرِيرُ بِشَارَةٍ وَثَنَاءٍ.
وَالسَّوْقُ: أَنْ يَجْعَلَ الْمَاشِي مَاشِيًا آخَرَ يَسِيرُ أَمَامَهُ وَيُلَازِمُهُ، وَضِدُّهُ الْقَوْدُ، وَالسَّوْقُ مُشْعِرٌ بِالْإِزْعَاجِ وَالْإِهَانَةِ، قَالَ تَعَالَى: كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ [الْأَنْفَال: ٦] .
وَالزُّمَرُ: جَمْعُ زُمْرَةٍ، وَهِيَ الْفَوْجُ مِنَ النَّاسِ الْمَتْبُوعِ بِفَوْجٍ آخَرَ، فَلَا يُقَالُ: مَرَّتْ زُمْرَةٌ مِنَ النَّاسِ، إِلَّا إِذَا كَانَتْ مَتْبُوعَةً بِأُخْرَى، وَهَذَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي مَدْلُولُهَا شَيْءٌ مُقَيَّدٌ.
وَإِنَّمَا جُعِلُوا زُمَرًا لِاخْتِلَافِ دَرَجَاتِ كُفْرِهِمْ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالَّذِينِ كَفَرُوا مُشْرِكِي قُرَيْشٍ الْمَقْصُودِينَ بِهَذَا الْوَعِيدِ كَانَ اخْتِلَافُهُمْ عَلَى حَسَبِ شِدَّةِ تَصَلُّبِهِمْ فِي الْكُفْرِ وَمَا يُخَالِطُهُ مِنْ حَدَبٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ فَظَاظَةٍ، وَمِنْ مُحَايِدَةٍ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أَذًى، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِمْ جَمِيعَ أَهْلِ الشِّرْكِ كَمَا تَقْتَضِيهِ حِكَايَةُ الْمَوْقِفِ مَعَ قَوْلِهِ: أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ كَانَ تَعَدُّدُ زُمَرِهِمْ عَلَى حَسَبِ أَنْوَاعِ إِشْرَاكِهِمْ.
وحَتَّى ابْتِدَائِيَّةٌ وإِذا ظَرْفٌ لِزَمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ يُضَمَّنُ مَعْنَى الشَّرْطِ غَالِبًا، أَيْ سِيقُوا سَوْقًا مُلَازِمًا لَهُم بشدته مُتَّصِل بِزَمَنِ مَجِيئِهِمْ إِلَى النَّارِ.
وَجُمْلَةُ فُتِحَتْ جَوَابُ إِذا لِأَنَّهَا ضُمِّنَتْ مَعْنَى الشَّرْطِ وَأَغْنَى ذِكْرُ إِذا عَنِ الْإِتْيَانِ بِ- (لَمَّا) التَّوْقِيتِيَّةِ، وَالتَّقْدِيرُ: فَلَمَّا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا، أَيْ وَكَانَتْ مُغْلَقَةً لِتُفْتَحَ فِي وُجُوهِهِمْ حِينَ مَجِيئِهِمْ فَجْأَةً تَهْوِيلًا وَرُعْبًا.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ فُتِّحَتْ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْفَتْحِ. وَقَرَأَهُ عَاصِمٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِتَخْفِيفِ التَّاءِ عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ.
وَالْخَزَنَةُ: جَمْعُ خَازِنٍ وَهُوَ الْوَكِيلُ وَالْبَوَّابُ غَلَبَ عَلَيْهِ اسْمُ الْخَازِنِ لِأَنَّهُ يُقْصَدُ لِخَزْنِ الْمَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute