للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْلِيَاؤُهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ الْأَخْذَ بِثَأْرِهِ، فَأَخَذَ اللَّهُ الْأُمَمَ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى هَمِّهِمْ بِرُسُلِهِمْ فَأَهْلَكَهُمْ وَاسْتَأْصَلَهُمْ.

وَيُفْهَمُ مِنْ تَفْرِيعِ قَوْلِهِ: فَأَخَذْتُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ: وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ إِنْذَارُ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ هَمَّهُمْ بِقَتْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ مُنْتَهَى أَمَدِ الْإِمْهَالِ لَهُمْ، فَإِذَا صَمَّمُوا الْعَزْمَ عَلَى ذَلِكَ أَخَذَهُمُ اللَّهُ كَمَا أَخَذَ الْأُمَمَ الْمُكَذِّبَةَ قَبْلَهُمْ حِينَ هَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ فَإِنَّ قُرَيْشًا لَمَّا هَمُّوا بِقَتْلِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْجَاهُ اللَّهُ مِنْهُمْ بِالْهِجْرَةِ ثُمَّ أَمْكَنَهُ مِنْ نَوَاصِيهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ. وَالْمُرَادُ بِ كُلُّ أُمَّةٍ كُلُّ أُمَّةٍ مِنَ الْأَحْزَابِ الْمَذْكُورِينَ.

وَضَمِيرُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ عَائِدٌ عَلَى كُلُّ أُمَّةٍ. وَالْمَقْصُودُ: مِنْ تَعْدَادِ جَرَائِمِ الْأُمَمِ السَّابِقَةِ مِنْ تَكْذِيبِ الرُّسُلِ وَالْهَمِّ بِقَتْلِهِمْ وَالْجِدَالِ بِالْبَاطِلِ تَنْظِيرُ حَالِ الْمُشْرِكِينَ النَّازِلِ فِيهِمْ قَوْلُهُ: مَا يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا [غَافِر: ٤] بِحَالِ الْأُمَمِ السَّابِقِينَ سَوَاءً، لِيَنْطَبِقَ الْوَعِيدُ عَلَى حَالِهِمْ أَكْمَلَ انْطِبَاقٍ فِي قَوْلِهِ: فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ.

وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: بِالْباطِلِ لِلْمُلَابَسَةِ، أَيْ جَادَلُوا مُلَابِسِينَ لِلْبَاطِلِ فَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ، أَوِ الْبَاءُ لِلْآلَةِ بِتَنْزِيلِ الْبَاطِلِ مَنْزِلَةَ الْآلَةِ لِجِدَالِهِمْ فَيَكُونُ الظَّرْفُ لَغْوًا مُتَعَلِّقًا بِ جادَلُوا. وَتَقْيِيدُ جادَلُوا هَذَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ بِالْباطِلِ يَقْتَضِي تَقْيِيدَ مَا أُطْلِقَ فِي قَوْلِهِ: مَا يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا.

وَالْإِدْحَاضُ: إِبْطَالُ الْحُجَّةِ، قَالَ تَعَالَى: حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ [الشورى:

١٦] . وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ زَوَّرُوا الْبَاطِلَ فِي صُورَةِ الْحَقِّ وَرَوَّجُوهُ بِالسِّفَسْطَةِ فِي صُورَةِ الْحُجَّةِ لِيُبْطِلُوا حُجَجَ الْحَقِّ وَكَفَى بِذَلِكَ تَشْنِيعًا لِكُفْرِهِمْ.

وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ: فَأَخَذْتُهُمْ قَوْلَهُ: فَكَيْفَ كانَ عِقابِ كَمَا فَرَّعَ قَوْلَهُ: فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ [غَافِر: ٤] عَلَى جُمْلَةِ مَا يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا [غَافِر: ٤]