وَاللَّامُ فِي لَكُمْ لَامُ التَّعْلِيلِ، أَيْ لِأَجْلِكُمْ وَهُوَ امْتِنَانٌ مُجْمَلٌ يَشْمَلُ بِالتَّأَمُّلِ كُلَّ مَا فِي الْإِبِلِ لَهُمْ مِنْ مَنَافِعَ وَهُمْ يَعْلَمُونَهَا إِذَا تَذَكَّرُوهَا وَعَدُّوهَا. ثُمَّ فَصَّلَ ذَلِكَ الْإِجْمَالَ بَعْضَ التَّفْصِيلِ بِذِكْرِ الْمُهِمِّ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي فِي الْإِبِلِ بِقَوْلِهِ: لِتَرْكَبُوا مِنْها إِلَى تُحْمَلُونَ.
فَاللَّامُ فِي لِتَرْكَبُوا مِنْها لَامُ كَيْ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِ جَعَلَ أَي لركوبكم.
و (من) فِي الْمَوْضِعَيْنِ هُنَا لِلتَّبْعِيضِ وَهِيَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ (مِنْ) أَيْ بَعْضًا مِنْهَا، وَهُوَ مَا أُعِدَّ لِلْأَسْفَارِ مِنَ الرَّوَاحِلِ. وَيَتَعَلَّقُ حرف (من) بتركبوا، وَتَعَلُّقُ (مِنِ) التَّبْعِيَّضِيَّةِ بِالْفِعْلِ تَعَلُّقٌ ضَعِيفٌ وَهُوَ الَّذِي دَعَا التفتازانيّ إِلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ (مِنْ) فِي مِثْلِهِ اسْمٌ بِمَعْنَى بَعْضٍ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٨] .
وَأُرِيدَ بِالرُّكُوبِ هُنَا الرُّكُوبُ لِلرَّاحَةِ مِنْ تَعَبِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْحَاجَةِ الْقَرِيبَةِ بِقَرِينَةِ مُقَابَلَتِهِ بِقَوْلِهِ: وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ.
وَجُمْلَةُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْأَنْعامَ، أَوْ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى مِنْ جُمْلَةِ لِتَرْكَبُوا مِنْها لِأَنَّهَا فِي قُوَّةِ أَنْ يُقَالَ: تَرْكَبُونَ مِنْهَا، عَلَى وَجْهِ الِاسْتِئْنَافِ لِبَيَانِ الْإِجْمَالِ الَّذِي فِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ، وَعَلَى الِاعْتِبَارَيْنِ فَهِيَ فِي حَيِّزِ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لَامُ كَيْ فَمَعْنَاهَا: وَلِتَأْكُلُوا مِنْهَا.
وَجُمْلَةُ وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَمِنْها تَأْكُلُونَ، وَالْمَعْنَى أَيْضًا عَلَى اعْتِبَارِ التَّعْلِيلِ كَأَنَّهُ قِيلَ: وَلِتَجْتَنُوا مَنَافِعَهَا الْمَجْعُولَةَ لَكُمْ وَإِنَّمَا غَيَّرَ أُسْلُوبَ التَّعْلِيلِ تَفَنُّنًا فِي الْكَلَامِ وَتَنْشِيطًا لِلسَّامِعِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ حَرْفُ التَّعْلِيلِ تِكْرَارَاتٍ كَثِيرَةً.
وَالْمَنَافِعُ: جَمْعُ مَنْفَعَةٍ، وَهِيَ مَفْعَلَةٌ مِنَ النَّفْعِ، وَهِيَ: الشَّيْءُ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ، أَيْ يُسْتَصْلَحُ بِهِ. فَالْمَنَافِعُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أُرِيدَ بِهَا مَا قَابَلَ مَنَافِعَ أَكْلِ لُحُومِهَا فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute