بِأَقْرَبَ مِنْهَا فَإِنَّهَا أُمُورٌ مُشَاهَدَةٌ وَلَا يَعْلَمُ تَفْصِيلَ حَالِهَا إِلَّا اللَّهُ، أَيْ فَلَيْسَ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِوَقْتِ السَّاعَةِ حُجَّةٌ عَلَى تَكْذِيبِ مَنْ أَنْذَرَ بِهَا، لِأَنَّهُمْ قَالُوا: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [يس: ٤٨] ، أَيْ إِنْ لَمْ تُبَيِّنْ لَنَا وَقْتَهُ فَلَسْتَ بِصَادِقٍ. فَهَذَا وَجْهُ ذِكْرِ تِلْكَ النَّظَائِرِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ:
أَوَّلُهَا: عِلْمُ مَا تُخْرِجُهُ أَكْمَامُ النَّخِيلِ مِنَ الثَّمَرِ بِقَدْرِهِ وَجَوْدَتِهِ وَثَبَاتِهِ أَوْ سُقُوطِهِ، وَضَمِيرُ أَكْمامِها رَاجِعٌ إِلَى الثَّمَرَاتِ. وَالْأَكْمَامُ: جَمْعُ كِمٍّ بِكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ
وَهُوَ وِعَاءُ الثَّمَرِ وَهُوَ الْجُفُّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ النَّخْلَةِ مُحْتَوِيًا عَلَى طَلْعِ الثَّمَرِ.
ثَانِيهَا: حَمْلُ الْأُنْثَى مِنَ النَّاسِ وَالْحَيَوَانِ، وَلَا يَعْلَمُ الَّتِي تُلَقَّحُ مِنَ الَّتِي لَا تُلَقَّحُ إِلَّا اللَّهُ.
ثَالِثُهَا: وَقْتُ وَضْعِ الْأَجِنَّةِ فَإِنَّ الْإِنَاثَ تَكُونُ حَوَامِلَ مُثْقَلَةً وَلَا يَعْلَمُ وَقْتَ وَضْعِهَا بِالْيَوْمِ وَالسَّاعَةِ إِلَّا اللَّهُ.
وَعُدِلَ عَنْ إِعَادَةِ حَرْفِ مَا مَرَّةً أُخْرَى لِلتَّفَادِي مِنْ ذِكْرِ حَرْفٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِأَنَّ تَسَاوِيَ هَذِهِ الْمَنْفِيَّاتِ الثَّلَاثَةِ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي كَوْنِ أَزْمَانِ حُصُولِهَا سَوَاءٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَالِ وَلِلِاسْتِقْبَالِ يَسُدُّ عَلَيْنَا بَابَ ادِّعَاءِ الْجُمْهُورِ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا وَ (لَا) فِي تَخْلِيصِ الْمُضَارِعِ لِزَمَانِ الْحَالِ مَعَ حَرْفِ مَا وَتَخْلِيصِهِ لِلِاسْتِقْبَالِ مَعَ حَرْفِ (لَا) . وَيُؤَيِّدُ رَدَّ ابْنِ مَالِكٍ عَلَيْهِمْ فَإِنَّ الْحَقَّ فِي جَانِبِ قَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ. وَحَرْفُ مَنْ بَعْدَ مَدْخُولَيْ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِإِفَادَةِ عُمُومِ النَّفْيِ وَيُسَمَّى حَرْفًا زَائِدًا.
وَالْبَاءُ فِي بِعِلْمِهِ لِلْمُلَابَسَةِ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي سُورَةِ فَاطِرٍ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ ثَمَراتٍ بِالْجَمْعِ. وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ ثَمَرَةٍ وَاحِدَةِ الثَّمَرَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute