آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ وَصِيغَةُ الْمَاضِي فِي آذَنَّاكَ إِنْشَاءٌ فَهُوَ بِمَعْنَى الْحَالِ مِثْلَ: بِعْتُ وَطَلَّقْتُ، أَيْ نَأْذَنُكَ وَنُقِرُّ بِأَنَّهُ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ.
وَالشَّهِيدُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْمُشَاهِدُ، أَيِ الْمُبْصِرُ، أَيْ مَا أَحَدٌ مِنَّا يَرَى الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوهُمْ شُرَكَاءَكَ الْآنَ، أَيْ لَا نَرَى وَاحِدًا مِنَ الْأَصْنَامِ الَّتِي كُنَّا نَعْبُدُهَا فَتَكُونُ جُمْلَةُ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَدْعُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَالْوَاوُ وَاوَ الْحَالِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّهِيدُ بِمَعْنَى الشَّاهِدِ، أَيْ مَا مِنَّا أَحَدٌ يَشْهَدُ أَنَّهُمْ شُرَكَاؤُكَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ اعْتِرَافًا بِكَذِبِهِمْ فِيمَا مَضَى، وَتَكُونُ جُمْلَةُ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَعْطُوفَةً عَلَى جُمْلَةِ قالُوا آذَنَّاكَ، أَيْ قَالُوا ذَلِكَ وَلَمْ يَجِدُوا وَاحِدًا مِنْ أَصْنَامِهِمْ. وَفِعْلُ آذَنَّاكَ مُعَلَّقٌ عَنِ الْعَمَلِ لِوُرُودِ النَّفْيِ بَعْدَهُ.
وضَلَّ: حَقِيقَتُهُ غَابَ عَنْهُمْ، أَيْ لَمْ يَجِدُوا مَا كَانُوا يَدْعُونَهُمْ مِنْ قَبْلُ فِي الدُّنْيَا، قَالَ تَعَالَى: بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ [الْأَحْقَاف: ٢٨] . فَالْمُرَاد بِهِ هُنَا: غَيْبَةُ أَصْنَامِهِمْ عَنْهُمْ وَعَدَمُ وُجُودِهَا فِي تِلْكَ الْحَضْرَةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا مُلْقَاةً فِي جَهَنَّمَ أَوْ بَقِيَتْ فِي الْعَالَمِ الدُّنْيَوِيِّ حِينَ فَنَائِهِ. وَإِذْ لَمْ يَجِدُوا مَا كَانُوا يَزْعُمُونَهُ فَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَا مَحِيصَ لَهُمْ، أَيْ لَا مَلْجَأَ لَهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي شَاهَدُوا إِعْدَادَهُ، فَالظَّنُّ هُنَا بِمَعْنَى الْيَقِينِ.
وَالْمَحِيصُ مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ أَوِ اسْمُ مَكَانٍ مِنْ: حَاصَ يَحِيصُ، إِذَا هَرَبَ، أَيْ مَا لَهُمْ مَفَرٌّ مِنَ النَّارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute