للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْخَيَالِيِّ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِهِ فِي سُورَةِ الرَّعْدِ وَغَيْرِهَا فَأُعِيدَ اسْمُ الْمَوْصُولِ لِأَنَّ مِصْدَاقَهُ هُوَ فَاعِلُ جَمِيعِهَا.

وَالْإِنْشَاءُ: الْإِحْيَاءُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ [عبس: ٢٢] .

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ قَرَأَ كَيْفَ نُنْشِزُها [الْبَقَرَة: ٢٥٩] بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الشِّينِ وَتَلَا ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ [عبس: ٢٢] فَأَصْلُ الْهَمْزَةِ فِيهِ لِلتَّعْدِيَةِ وَفِعْلُهُ الْمُجَرَّدُ نَشَرَ بِمَعْنَى حَيِيَ، يُقَالُ: نَشَرَ الْمَيِّتُ، بِرَفْعِ الْمَيِّتِ قَالَ الْأَعْشَى:

حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ مِمَّا رَأَوْا ... يَا عَجَبًا لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ

وَأَصْلُ النَّشْرِ بَسْطُ مَا كَانَ مَطْوِيًّا وَتَفَرَّعَتْ مِنْ ذَلِكَ مَعَانِي الْإِعَادَةِ وَالِانْتِشَارِ.

وَالنَّشْرُ هُنَا مَجَازٌ لِأَنَّ الْإِحْيَاءَ لِلْأَرْضِ مَجَازٌ، وَزَادَهُ حُسْنًا هُنَا أَنْ يَكُونَ مُقَدِّمَةً لِقَوْلِهِ: كَذلِكَ تُخْرَجُونَ.

وَضَمِيرُ فَأَنْشَرْنا الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى التَّكَلُّمِ. وَالْمَيِّتُ ضِدُّ الْحَيِّ. وَوَصْفُ الْبَلْدَةِ بِهِ مَجَازٌ شَائِعٌ قَالَ تَعَالَى: وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها [يس: ٣٣] .

وَإِنَّمَا وُصِفَتِ الْبَلْدَةُ وَهِيَ مُؤَنَّثٌ بِالْمَيِّتِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ لِكَوْنِهِ عَلَى زِنَةِ الْوَصْفِ الَّذِي أَصْلُهُ مَصْدَرٌ نَحْوَ: عَدْلٌ وَزُورٌ فَحَسُنَ تَجْرِيدُهُ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ عَلَى أَنَّ الْمَوْصُوفَ مَجَازِيُّ التَّأْنِيثِ.

وَجُمْلَةُ كَذلِكَ تُخْرَجُونَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفِينَ وَهُوَ اسْتِطْرَادٌ بِالِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِثْبَاتِ الْبَعْثِ، بِمُنَاسَبَةِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى تَفَرُّدِ اللَّهِ بِالْإِلَهِيَّةِ بِدَلَائِلَ فِي بَعْضِهَا دَلَالَةٌ عَلَى إِمْكَانِ الْبَعْثِ وَإِبْطَالِ إِحَالَتِهِمْ إِيَّاهُ. وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى الِانْتِشَارِ الْمَأْخُوذِ مِنْ فَأَنْشَرْنا، أَيْ مِثْلَ ذَلِكَ الِانْتِشَارِ تُخْرَجُونَ مِنَ الْأَرْضِ بَعْدَ فَنَائِكُمْ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ هُوَ إِحْدَاثُ الْحَيِّ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَالْمَقْصُودُ مِنَ التَّشْبِيهِ إِظْهَارُ إِمْكَانِ الْمُشَبَّهَ كَقَوْلِ أَبِي الطَّيِّبِ: