وَالْعَدُوُّ: الْمُبْغَضُ، وَوَزْنُهُ فَعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ، أَيْ عَادٍ، وَلِذَلِكَ اسْتَوَى جَرَيَانُهُ عَلَى الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُذَكَّرِ وَغَيْرِهِ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [٩٢] .
وَتَعْرِيفُ الْأَخِلَّاءُ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ وَهُوَ مُفِيدٌ اسْتِغْرَاقًا عُرْفِيًّا، أَيِ الْأَخِلَّاءُ مِنْ فَرِيقَيِ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ أَوِ الْأَخِلَّاءُ مِنْ قُرَيْشٍ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُمْ، وَإِلَّا فَإِنَّ مِنَ الْأَخِلَّاءِ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَا عَدَاوَةَ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُمُ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَخْدِمُوا خُلَّتَهُمْ فِي إِغْرَاءِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا عَلَى الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي وَإِنِ افْتَرَقُوا فِي الْمَنَازِلِ وَالدَّرَجَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
ويَوْمَئِذٍ ظرف مُتَعَلق بعدوّ، وَجُمْلَة يَا عِبادِ مَقُولَةٌ لِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّتْ عَلَيْهِ صِيغَةُ الْخِطَابِ، أَيْ نَقُولُ لَهُمْ أَوْ يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يَا عِبَادِي بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ عَلَى الْأَصْلِ. وَقَرَأَهُ حَفْصٌ وَالْكِسَائِيُّ بِحَذْفِ (يَاءِ) الْمُتَكَلِّمِ تَخْفِيفًا. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: وَحَذْفُهَا حَسَنٌ لِأَنَّهَا فِي مَوْضِعِ تَنْوِينٍ وَهِيَ قَدْ عَاقَبَتْهُ فَكَمَا يُحْذَفُ التَّنْوِينُ فِي الِاسْمِ الْمُفْرَدِ الْمُنَادَى كَذَلِكَ تُحْذَفُ الْيَاءُ هُنَا.
وَمُفَاتَحَةُ خِطَابِهِمْ بِنَفْيِ الْخَوْفِ عَنْهُمْ تَأْنِيسٌ لَهُمْ وَمِنَّةٌ بِإِنْجَائِهِمْ مِنْ مِثْلِهِ وَتَذْكِيرٌ لَهُمْ بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ حَالِهِمْ لِحَالِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ فَإِنَّهُمْ يُشَاهِدُونَ مَا يُعَامَلُ بِهِ أَهْلُ الضَّلَالَةِ
وَالْفَسَادِ.
وَلَا خَوْفٌ مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ فِي جَمِيعِ الْقِرَاءَاتِ الْمَشْهُورَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُفْتَحْ لِأَنَّ الْفَتْحَ عَلَى تَضْمِينِ (مِنْ) الزَّائِدَةِ الْمُؤَكِّدَةِ لِلْعُمُومِ وَإِذْ قَدْ كَانَ التَّأْكِيدُ مُفِيدًا التَّنْصِيصَ عَلَى عَدَمِ إِرَادَةِ نَفْيِ الْوَاحِدِ، وَكَانَ الْمَقَامُ غَيْرَ مُقَامِ التَّرَدُّدِ فِي نَفْيِ جِنْسِ الْخَوْفِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا بِهِمْ حِينَئِذٍ مَعَ وُقُوعِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَأَمَارَةُ نَجَاتِهِمْ مِنْهُ وَاضِحَةٌ، لَمْ يَحْتَجْ إِلَى نَصْبِ اسْمِ لَا، وَنَظِيرُهُ قَوْلُ الرَّابِعَةِ مِنْ نِسَاءِ حَدِيثِ أَمْ زَرْعٍ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَهْ، لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ وَلَا مَخَافَةٌ وَلَا سَآمَهْ. رِوَايَتُهُ بِرَفْعِ الْأَسْمَاءِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّ انْتِفَاءَ تِلْكَ الْأَحْوَالِ عَنْ لَيْلِ تِهَامَةَ مَشْهُورٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَتْ بَيَانَ وُجُوهِ الشَّبَهِ مِنْ قَوْلِهَا كَلَيْلِ تِهَامَهْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute