عَلَى الرَّاحِلَةِ أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ، قَالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْهُ»
، وَهُوَ حَجٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى أَبِيهَا لِعَجْزِهِ.
وَالْأَشُدُّ: حَالَةُ اشْتِدَادِ الْقُوَى الْعَقْلِيَّةِ وَالْجَسَدِيَّةِ وَهُوَ جَمْعٌ لَمْ يُسْمَعْ لَهُ بِمُفْرَدٍ. وَقِيلَ مُفْرَدُهُ: شِدَّةٌ بِكَسْرِ الشِّينِ وَهَاءِ التَّأْنِيثِ مِثْلُ نِعْمَةٍ جَمْعُهَا أَنْعُمٌ، وَلَيْسَ الْأَشُدُّ اسْمًا لِعَدَدٍ مِنْ سِنِي الْعُمْرِ وَإِنَّمَا سِنُو الْعُمْرِ مَظِنَّةً لِلْأَشُدِّ. وَوَقْتُهُ مَا بَعْدَ الثَلَاثِينَ سَنَةً وَتَمَامُهُ عِنْدَ الْأَرْبَعِينَ سَنَةً وَلِذَلِكَ عَطَفَ عَلَى بَلَغَ أَشُدَّهُ قَوْلَهُ: وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَيْ بَلَغَ الْأَشُدَّ وَوَصَلَ إِلَى أَكْمَلِهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى [الْقَصَص: ١٤] ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ يُوسُفَ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ: وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ بَلَغَ أَشُدَّهُ لِأَنَّ إِعَادَةَ فِعْلِ بَلَغَ تُبْعِدُ احْتِمَالَ التَّأْكِيدِ وَحَرْفُ الْعَطْفِ أَيْضًا يُبْعِدُ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ.
وأَوْزِعْنِي: أَلْهِمْنِي. وَأَصْلُ فِعْلِ أَوزَعَ الدَّلَالَةُ عَلَى إِزَالَةِ الْوَزَعِ، أَيِ الِانْكِفَافِ عَنْ عَمَلٍ مَا، فَالْهَمْزَةُ فِيهِ لِلْإِزَالَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ النَّمْلِ.
ونِعْمَتَكَ اسْمُ مَصْدَرٍ مُضَافٍ يَعُمُّ، أَيْ أَلْهِمْنِي شُكْرَ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدِيَّ مِنْ جَمِيعِ النِّعَمِ الدِّينِيَّةِ كَالْإِيمَانِ وَالتَّوْفِيقِ وَمِنَ النِّعَمِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَالصِّحَّةِ وَالْجِدَّةِ.
وَمَا ذُكِرَ مِنَ الدُّعَاءِ لِذُرِّيَّتِهِ بِقَوْلِهِ: وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي اسْتِطْرَادٌ فِي أَثْنَاءِ الْوِصَايَةِ بِالدُّعَاءِ لِلْوَالِدَيْنِ بِأَنْ لَا يَغْفُلَ الْإِنْسَانُ عَنِ التَّفَكُّرِ فِي مُسْتَقْبَلِهِ بِأَنْ يَصْرِفَ عِنَايَتَهُ إِلَى ذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَرَفَهَا إِلَى أَبَوَيْهِ لِيَكُونَ لَهُ مِنْ إِحْسَانِ ذُرِّيَّتِهِ إِلَيْهِ مِثْلُ مَا كَانَ مِنْهُ لِأَبَوَيْهِ وَإِصْلَاحُ الذُّرِّيَّةِ يَشْمَلُ إِلْهَامَهُمُ الدُّعَاءَ إِلَى الْوَالِدِ.
وَفِي إِدْمَاجِ تَلْقِينِ الدُّعَاءِ بِإِصْلَاحِ ذُرِّيَّتِهِ مَعَ أَنَّ سِيَاقَ الْكَلَامِ فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْوَالِدَيْنِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْمَرْءَ يَلْقَى مِنْ إِحْسَانِ أَبْنَائِهِ إِلَيْهِ مِثْلَ مَا لَقِيَ أَبَوَاهُ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَيْهِمَا، وَلِأَنَّ دَعْوَةَ الْأَبِ لِابْنِهِ مَرْجُوَّةُ الْإِجَابَةِ.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ لَا شَكَّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ»
، وَفِي رِوَايَةٍ «لِوَلَدِهِ» وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ مُتَعَدِّدَةٌ طُرُقُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute