للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْفِعْلُ مِنَ التَّعْسِ يَجِيءُ مِنْ بَابِ مَنَعَ وَبَابِ سَمِعَ، وَفِي «الْقَامُوسِ» إِذَا خَاطَبْتَ قُلْتَ: تَعَسْتَ كَمَنَعَ، وَإِذَا حَكَيْتَ قُلْتَ: تَعِسَ كسمع.

وانتصب فَتَعْساً عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ بَدَلًا مِنْ فِعْلِهِ. وَالتَّقْدِيرُ: فَتَعِسُوا تَعْسَهُمْ، وَهُوَ مِنْ إِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إِلَى فَاعِلِهِ مِثْلُ تَبًّا لَهُ، وَوَيْحًا لَهُ. وَقُصِدَ مِنَ الْإِضَافَةِ اخْتِصَاصُ التَّعْسِ بِهِمْ، ثُمَّ أُدْخِلَتْ عَلَى الْفَاعِلِ لَامُ التَّبْيِين فَصَارَ فَتَعْساً لَهُمْ. وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ

بِالْمَصْدَرِ، أَوْ بِعَامِلِهِ الْمَحْذُوفِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَهُوَ مُخْتَارُ بن مَالِكٍ وَإِنَّ أَبَاهُ ابْنُ هِشَامٍ.

وَيَجُوزُ أَن يكون فَتَعْساً لَهُمْ مُسْتَعْمَلًا فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ لِقَصْدِ التَّحْقِيرِ وَالتَّفْظِيعِ، وَذَلِكَ مِنَ اسْتِعْمَالَاتِ هَذَا الْمُرَكَّبِ مِثْلَ سَقْيًا لَهُ وَرَعْيًا لَهُ وَتَبًّا لَهُ وَوَيْحًا لَهُ وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ فِي الْآيَةِ فِعْلُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: فَقَالَ اللَّهُ: تَعْسًا لَهُمْ، أَوْ فَيُقَالُ: تَعْسًا لَهُمْ.

وَدَخَلَتِ الْفَاء على فَتَعْساً وَهُوَ خَبَرُ الْمَوْصُولِ لِمُعَامَلَةِ الْمَوْصُولِ مُعَامَلَةَ الشَّرْطِ.

وَقَوْلُهُ: وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ إِشَارَةٌ إِلَى مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ مِنْ قَوْلِهِ: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ [مُحَمَّد: ١] ، وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ عَلَى أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ هُنَالِكَ.

وَالْقَوْلُ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا إِلَخْ فِي مَعْنَاهُ، وَفِي مَوْقِعِهِ مِنَ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ وَفِي نُكْتَةِ تَكْرِيرِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ [مُحَمَّد:

٣] .

وَالْإِشَارَةُ إِلَى التَّعْسِ وَإِضْلَالِ الْأَعْمَالِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمَا. وَالْكَرَاهِيَةُ: الْبُغْضُ وَالْعَدَاوَةُ.

وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ هُوَ الْقُرْآنُ وَمَا فِيهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ وَالْبَعْثِ، قَالَ تَعَالَى: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ [الشورى: ١٣] .

وَالْبَاءُ فِي بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا لِلسَّبَبِيَّةِ.