للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَطْلُبُونَ مِنْهُ، وَالْعَانِتُ بَعْضٌ آخَرُ وَهُمْ جُمْهُورُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَجْرِي عَلَيْهِمْ قَضَاء النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَسَبِ رَغْبَةِ غَيْرِهِمْ. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ لَوْ يُطِيعُكُمْ إِلَخْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ فِيكُمْ لِأَنَّ مَضْمُونَ الْجُمْلَةِ يَتَعَلَّقُ بِأَحْوَالِ الْمُخَاطَبِينَ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَضْمُونَ جَوَابِ لَوْ عَنِتَ يَحْصُلُ لِلْمُخَاطَبِينَ. وَمَآلُ الِاعْتِبَارَيْنِ فِي مَوْقِعِ الْجُمْلَةِ وَاحِدٌ وَانْتِظَامُ الْكَلَامِ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ غَيْرُ مُنْثَلِمٍ.

وَالطَّاعَةُ: عَمَلُ أَحَدٍ يُؤْمَرُ بِهِ وَمَا يُنْهَى عَنْهُ وَمَا يُشَارُ بِهِ عَلَيْهِ، أَيْ لَوْ أَطَاعَكُمْ فِيمَا تَرْغَبُونَ. والْأَمْرِ هُنَا بِمَعْنَى الْحَادِثِ وَالْقَضِيَّةِ النَّازِلَةِ.

وَالتَّعْرِيفُ فِي الْأَمْرِ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْأُمُورِ وَلِذَلِكَ جِيءَ مَعَهُ بِلَفْظِ كَثِيرٍ مِنَ أَيْ فِي أَحْدَاثٍ كَثِيرَةٍ مِمَّا لَكُمْ رَغْبَةٌ فِي تَحْصِيلِ شَيْءٍ مِنْهَا فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا شَرَعَهُ.

وَهَذَا احْتِرَازٌ عَنْ طَاعَتِهِ إِيَّاهُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ مِمَّا هُوَ غير شؤون التَّشْرِيعِ كَمَا أَطَاعَهُمْ فِي نُزُولِ الْجَيْشِ يَوْمَ بَدْرٍ عَلَى جِهَةٍ يَسْتَأْثِرُونَ فِيهَا بِمَاءِ بَدْرٍ.

وَالْعَنَتُ: اخْتِلَالُ الْأَمْرِ فِي الْحَاضِرِ أَوْ فِي الْعَاقِبَةِ.

وَصِيغَةُ الْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ: لَوْ يُطِيعُكُمْ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْمَاضِي لِأَنَّ حَرْفَ لَوْ يُفِيدُ تَعْلِيقَ الشَّرْطِ فِي الْمَاضِي، وَإِنَّمَا عَدَلَ إِلَى صِيغَةِ الْمُضَارِعِ لِأَنَّ الْمُضَارِعَ صَالِحٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ، أَيْ لَوْ أَطَاعَكُمْ فِي قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَوْ أَطَاعَكُمْ كُلَّمَا رَغِبْتُمْ مِنْهُ أَوْ أَشَرْتُمْ عَلَيْهِ لَعَنِتُّمْ لِأَنَّ بَعْضَ مَا يَطْلُبُونَهُ مُضِرٌّ بِالْغَيْرِ أَوْ بِالرَّاغِبِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يُحِبُّ عَاجِلَ النَّفْعِ الْعَائِدِ عَلَيْهِ بِالضُّرِّ.

وَتَقْدِيمُ خَبَرِ (إِنَّ) عَلَى اسْمِهَا فِي قَوْلِهِ: أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَذَا الْكَوْنِ فِيهِمْ وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ وَاجِبَهُمُ الِاغْتِبَاطُ بِهِ وَالْإِخْلَاصُ لَهُ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِيهِمْ شَرَفٌ عَظِيمٌ لِجَمَاعَتِهِمْ وَصَلَاحٌ لَهُمْ.