للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيُؤَيِّدُ هَذَا

قَول النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ»

كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا. فَيَكُونُ تَنْوِينُ (ذَكَرٍ وَأُنْثَى) لِأَنَّهُمَا وَصْفَانِ لِمَوْصُوفٍ فَقَرَّرَ، أَيْ مِنْ أَبٍ ذَكَرٍ وَمِنْ أُمٍّ أُنْثَى.

وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِ ذَكَرٍ وَأُنْثى صِنْفُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مُكَوَّنٌ مِنْ صِنْفِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.

وَحَرْفُ (مِنْ) عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ لِلِابْتِدَاءِ.

وَالشُّعُوبُ: جَمْعُ شَعْبٍ بِفَتْحِ الشِّينِ وَهُوَ مَجْمَعُ الْقَبَائِلِ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى جَدٍّ وَاحِدٍ مِنْ أُمَّةٍ مَخْصُوصَةٍ وَقَدْ يُسَمَّى جَذْمًا، فَالْأُمَّةُ الْعَرَبِيَّةُ تَنْقَسِمُ إِلَى شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ فَمُضَرُ شَعْبٌ، وَرَبِيعَةُ شَعْبٌ، وَأَنْمَارٌ شَعْبٌ، وَإِيَادٌ شَعْبٌ، وَتَجْمَعُهَا الْأُمَّةُ الْعَرَبِيَّةُ الْمُسْتَعْرِبَةُ، وَهِيَ عَدْنَانُ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَحِمْيَرُ وَسَبَأٌ، وَالْأَزْدُ شُعُوبٌ مِنْ أُمَّةِ قَحْطَانَ. وَكِنَانَةُ وَقَيْسٌ وَتَمِيمٌ قَبَائِلُ مِنْ شَعْبِ مُضَرَ. وَمَذْحِجٌ، وَكِنْدَةُ قَبِيلَتَانِ مِنْ شَعْبِ سَبَأٍ. وَالْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ قَبِيلَتَانِ مِنْ شَعْبِ الْأَزْدِ.

وَتَحْتَ الْقَبِيلَةِ الْعِمَارَةُ مِثْلُ قُرَيْشٍ مِنْ كِنَانَةَ، وَتَحْتَ الْعِمَارَةِ الْبَطْنُ مِثْلُ قُصَيٍّ مِنْ قُرَيْشٍ، وَتَحْتَ الْبَطْنِ الْفَخِذُ مِثْلَ هَاشِمٍ وَأُمَيَّةَ مِنْ قُصَيٍّ، وَتَحْتَ الْفَخِذِ الْفَصِيلَةُ مِثْلُ أَبِي طَالِبٍ وَالْعَبَّاسِ وَأَبِي سُفْيَانَ.

وَاقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الشُّعُوبِ وَالْقَبَائِلِ لِأَنَّ مَا تَحْتَهَا دَاخِلٌ بِطْرِيقِ لَحْنِ الْخِطَابِ.

وَتَجَاوَزَ الْقُرْآنُ عَنْ ذِكْرِ الْأُمَمِ جَرْيًا عَلَى الْمُتَدَاوَلِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي تَقْسِيمِ طَبَقَاتِ الْأَنْسَابِ إِذْ لَا يُدْرِكُونَ إِلَّا أَنْسَابَهُمْ.

وَجُعِلَتْ عِلَّةُ جَعْلِ اللَّهِ إِيَّاهُ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ. وَحِكْمَتُهُ مِنْ هَذَا الْجَعْلِ أَنْ يَتَعَارَفَ النَّاسُ، أَيْ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.

وَالتَّعَارُفُ يَحْصُلُ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ مُتَدَرِّجًا إِلَى الْأَعْلَى، فَالْعَائِلَةُ الْوَاحِدَةُ مُتَعَارِفُونَ، وَالْعَشِيرَةُ مُتَعَارِفُونَ مِنْ عَائِلَاتٍ إِذْ لَا يَخْلُونَ عَنِ انْتِسَابٍ وَمُصَاهَرَةٍ، وَهَكَذَا تَتَعَارَفُ الْعَشَائِرُ مَعَ الْبُطُونِ وَالْبُطُونُ مَعَ الْعَمَائِرِ، وَالْعَمَائِرُ مَعَ الْقَبَائِلِ، وَالْقَبَائِلُ مَعَ الشُّعُوبِ لِأَنَّ كُلَّ دَرَجَةٍ تَأْتَلِفُ مِنْ مَجْمُوعِ الدَّرَجَاتِ الَّتِي دُونَهَا.