للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ وَنَعْلَمُ.

وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا تَأْكِيدُ عَامِلِهَا وَتَحْقِيقُ اسْتِمْرَارِ الْعِلْمِ بِبَاطِنِ الْإِنْسَانِ، وَمَعْنَى تُوَسْوِسُ تَتَكَلَّمُ كَلَامًا خَفِيًّا هَمْسًا. وَمَصْدَرُهُ الْوَسْوَاسُ وَالْوَسْوَسَةُ أُطْلِقَتْ هُنَا مَجَازًا عَلَى مَا يَجُولُ فِي النَّفْسِ مِنَ الْخَوَاطِرِ وَالتَّقْدِيرَاتِ وَالْعَزَائِمِ لِأَنَّ الْوَسْوَسَةَ أَقْرَبُ شَيْءٍ تُشَبَّهُ بِهِ تِلْكَ الْخَوَاطِرُ وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَعَارُ لَهَا لِأَنَّهَا تَجْمَعُ مُخْتَلِفَ أَحْوَالِ مَا يَجُولُ فِي الْعَقْلِ مِنَ التَّقَادِيرِ وَمَا عَدَاهَا مِنْ نَحْوِ أَلْفَاظِ التَّوَهُّمِ وَالتَّفَكُّرِ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى بَعْضِ أَحْوَالِ الْخَوَاطِرِ دُونَ بَعْضٍ.

وَالْحَبْلُ: هُنَا وَاحِدُ حِبَالِ الْجِسْمِ. وَهِيَ الْعُرُوقُ الْغَلِيظَةُ الْمَعْرُوفَةُ فِي الطِّبِّ بِالشَّرَايِينِ، وَاحِدُهَا: شَرْيَانٌ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتُكْسَرُ وَبِسُكُونِ الرَّاءِ وَتُعْرَفُ بِالْعُرُوقِ الضَّوَارِبِ وَمَنْبَتُهَا مِنَ التَّجْوِيفِ الْأَيْسَرِ مِنْ تَجْوِيفَيِ الْقَلْبِ. وَلِلشَّرَايِينِ عَمَلٌ كَثِيرٌ فِي حَيَاةِ الْجِسْمِ لِأَنَّهَا الَّتِي تُوصِلُ الدَّمَ مِنَ الْقَلْبِ إِلَى أَهَمِّ الْأَعْضَاءِ الرَّئِيسِيَّةِ مِثْلَ الرِّئَةِ وَالدِّمَاغِ وَالنُّخَاعِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَالْمَعِدَةِ وَالْأَمْعَاءِ. وَلِلشَّرَايِينِ أَسْمَاءٌ بِاعْتِبَارِ مَصَابِّهَا مِنَ الْأَعْضَاءِ الرَّئِيسِيَّةِ.

وَالْوَرِيدُ: وَاحِدٌ مِنَ الشَّرَايِينِ وَهُوَ ثَانِي شَرْيَانَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنَ التَّجْوِيفِ الْأَيْسَرِ مِنَ الْقَلْبِ. وَاسْمُهُ فِي علم الطّلب أَوُرْطِيٌّ وَيَتَشَعَّبُ إِلَى ثَلَاثِ شُعَبٍ ثَالِثَتُهُمَا تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٍ أَكْبَرَ وَقِسْمٍ أَصْغَر. وَهَذَا الْأَصْغَر يَخْرُجُ مِنْهُ شَرْيَانَانِ يُسَمَّيَانِ السُّبَاتِيَّ وَيَصْعَدَانِ يَمِينًا

وَيَسَارًا مَعَ الْوَدَجَيْنِ، وَكُلُّ هَذِه الْأَقْسَام تسمى الْوَرِيدَ. وَفِي الْجَسَدِ وَرِيدَانِ وَهُمَا عِرْقَانِ يَكْتَنِفَانِ صَفْحَتَيِ الْعُنُقِ فِي مُقَدَّمِهِمَا مُتَّصِلَانِ بِالْوَتِينِ يَرِدَانِ مِنَ الرَّأْسِ إِلَيْهِ.

وَقَدْ تَخْتَلِفُ أَسْمَاءُ أَجْزَائِهِ بِاخْتِلَافِ مَوَاقِعِهَا مِنَ الْجَسَدِ فَهُوَ فِي الْعُنُقِ يُسَمَّى الْوَرِيدَ، وَفِي الْقَلْبِ يُسَمَّى الْوَتِينَ، وَفِي الظَّهْرِ يُسَمَّى الْأَبْهَرَ، وَفِي الذِّرَاعِ وَالْفَخِذِ يُسَمُّونَهُ الْأَكْحَلَ وَالنَّسَا، وَفِي الْخِنْصَرِ يُدْعَى الْأَسْلَمَ.

وَإِضَافَةُ حَبْلِ إِلَى الْوَرِيدِ بَيَانِيَّةٌ، أَيِ الْحَبَلُ الَّذِي هُوَ الْوَرِيدُ، فَإِنَّ إِضَافَةَ الْأَعَمِّ إِلَى الْأَخَصِّ إِذَا وَقَعَتْ فِي الْكَلَامِ كَانَتْ إِضَافَةً بَيَانِيَّةً كَقَوْلِهِمْ: شَجَرُ الْأَرَاكِ.