وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْفَمِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ [إِبْرَاهِيم: ٩] .
وَقَوْلُهُا عَجُوزٌ عَقِيمٌ خَبَرٌ مَحْذُوفٍ، أَيْ أَنَا عَجُوزٌ عَقِيمٌ.
وَالْعَجُوزُ: فَعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ وَهُوَ يَسْتَوِي فِي الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَجْزِ وَيُطْلَقُ عَلَى كِبَرِ السِّنِّ لِمُلَازِمَةِ الْعَجْزِ لَهُ غَالِبًا.
وَالْعَقِيمُ: فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، وَهُوَ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ إِذَا جَرَى عَلَى مَوْصُوفٍ مُؤَنَّثٍ، مُشْتَقٌّ مِنْ عَقَمَهَا اللَّهُ، إِذَا خَلَقَهَا لَا تَحْمَلُ بِجَنِينٍ، وَكَانَتْ سَارَّةُ لَمْ تَحْمِلْ قَطُّ.
وَقَوْلُ الْمَلَائِكَةِ كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْحَادِثِ وَهُوَ التَّبْشِيرُ بِغُلَامٍ. وَالْكَافُ
لِلتَّشْبِيهِ، أَيْ مِثْلُ قَوْلِنَا: قَالَ رَبُّكِ فَنَحْنُ بَلَّغْنَا مَا أُمِرْنَا بِتَبْلِيغِهِ.
وَجُمْلَةُ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ تَعْلِيلٌ لِجُمْلَةِ كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ الْمُقْتَضِيَةِ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ مَا أَخْبَرُوا إِبْرَاهِيمَ إِلَّا تَبْلِيغًا مِنَ اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ صَادِقُ وَعْدِهِ وَأَنَّهُ لَا مَوْقِعَ لِتَعَجُّبِ امْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ لِأَنَّ اللَّهَ حَكِيمٌ يُدَبِّرُ تَكْوِينَ مَا يُرِيدُهُ، وَعَلِيمٌ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ حَالُهَا مِنَ الْعَجْزِ وَالْعُقْمِ.
وَهَذِهِ الْمُحَاوَرَةُ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ وَسَارَّةَ امْرَأَةِ إِبْرَاهِيمَ وَقَعَ مِثْلُهَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ كَمَا قُصَّ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ، فَحُكِيَ هُنَا مَا دَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ سَارَّةَ، وَحُكِيَ هُنَاكَ مَا دَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إِبْرَاهِيمَ وَالْمَقَامُ وَاحِدٌ، وَالْحَالَةُ وَاحِدَةٌ كَمَا بُيِّنَ فِي سُورَةِ هُودٍ [٧٢] قالَتْ يَا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute