للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ تُلْحِقَهُ بِالْوَاوِ أَوِ الْيَاءِ، لَكِنَّ الْأَكْثَرَ فِي كَلَامِهِمُ اعْتِبَارُ الْعَيْنِ يَاءً فَقَالُوا: ضَازَهُ حَقَّهُ ضَيْزًا وَلَمْ يَقُولُوا ضَوْزًا لِأَنَّ الضَّوْزَ لَوْكُ التَّمْرِ فِي الْفَمِ، فَأَرَادُوا التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْمَصْدَرَيْنِ، وَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِ الِاسْتِعْمَالِ وَعَنِ الْمُؤَرِّجِ السَّدُوسِيِّ كَرِهُوا ضَمَّ الضَّادِ فِي ضُوزَى فَقَالُوا: ضِيزَى. كَأَنَّهُ يُرِيدُ اسْتَثْقَلُوا ضَمَّ الضَّادِ، أَيْ فِي أَوَّلِ الْكَلِمَةِ مَعَ أَنَّ لَهُمْ مَنْدُوحَةً عَنْهُ بِالزِّنَةِ الْأُخْرَى.

وَوَزْنُ ضِيزى: فعلى اسْم تَفْضِيل (مِثْلَ كُبْرَى وَطُوبَى) أَيْ شَدِيدَةُ الضَّيْزِ فَلَمَّا وَقَعَتِ الْيَاءُ السَّاكِنَةُ بَعْدَ الضَّمَّةِ حَرَّكُوهُ بِالْكَسْرِ مُحَافَظَةً عَلَى الْيَاءِ لِئَلَّا يَقْلِبُوهَا وَاوًا فَتَصِيرَ ضُوزَى وَهُوَ مَا كَرِهُوهُ كَمَا قَالَ الْمُؤَرِّجُ. وَهَذَا كَمَا فَعَلُوا فِي بِيضٍ جَمْعُ أَبْيَضَ وَلَوِ اعْتَبَرُوهُ تَفْضِيلًا مِنْ ضَازَ يَضُوزُ لَقَالُوا: ضَوْزَى وَلَكِنَّهُمْ أَهْمَلُوهُ.

وَقِيلَ: وَزْنُ ضِيزى فِعْلَى بِكَسْرِ الْفَاءِ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ مِثْلُ دِفْلَى وَشِعْرَى، وَيُبَعِّدُ هَذَا أَنَّهُ مُشْتَقٌّ فَهُوَ بِالْوَصْفِيَّةِ أَجْدَرُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُوجَدُ فِعْلَى بِكَسْرِ الْفَاءِ فِي الصِّفَاتِ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ مِثْلُ ذِكْرَى وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ كَسْرَتُهُ أَصْلِيَّةٌ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ضِيزى بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الضَّادِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ كَثِيرٍ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الضَّادِ مُرَاعَاةً لِأَصْلِ الْفِعْلِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا. وَهَذَا وَسْمٌ لَهُمْ بِالْجَوْرِ زِيَادَةٌ عَلَى الْكُفْرِ لِأَنَّ التَّفْكِيرَ فِي الْجَوْرِ كَفِعْلِهِ فَإِنَّ تَخَيُّلَاتِ الْإِنْسَانِ وَمُعْتَقَدَاتِهِ عُنْوَانٌ عَلَى أَفْكَارِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ.

وَجُمْلَةُ إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها اسْتِئْنَافٌ يَكُرُّ بِالْإِبْطَالِ عَلَى مُعْتَقَدِهِمْ مِنْ أَصْلِهِ بَعْدَ إِبْطَالِهِ بِمَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهِ عَلَى مُجَارَاتِهِمْ فِيهِ لِإِظْهَارِ اخْتِلَالِ مُعْتَقَدِهِمْ وَفِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ احْتِرَاسٌ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ إِنْكَارَ نِسْبَتِهِمُ الْبَنَاتِ لِلَّهِ أَنَّهُ إِنْكَارٌ لِتَخْصِيصِهِمُ اللَّهَ بِالْبَنَاتِ وَأَنَّ لَهُ أَوْلَادًا ذُكُورًا وَإِنَاثًا أَوْ أَنَّ مَصَبَّ الْإِنْكَارِ عَلَى زَعْمِهِمْ أَنَّهَا بَنَاتٌ وَلَيْسَتْ بِبَنَاتٍ فَيَكُونُ كَالْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ فِي زَعْمِهِمُ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتٍ. وَالضَّمِيرُ هِيَ عَائِدٌ إِلَى اللَّاتِ والعزى وَمَنَاة. وَمَا صدق الضَّمِيرِ الذَّاتُ وَالْحَقِيقَةُ، أَيْ لَيْسَتْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ إِلَّا أَسْمَاءً لَا مُسَمَّيَاتِ لَهَا وَلَا حَقَائِقَ ثَابِتَةً وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها [يُوسُف: ٤٠] .

وَالْقَصْرُ إِضَافِيٌّ، أَيْ هِيَ أَسْمَاءٌ لَا حَقَائِقُ عَاقِلَةٌ مُتَصَرِّفَةٌ كَمَا تَزْعُمُونَ، وَلَيْسَ