للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آخُذٌ بَعْضَهَا بِحَجْزِ بَعْضٍ بِحُسْنِ اتِّصَالٍ يَنْقُلُ كُلٌّ مِنْهَا ذِهْنَ السَّامِعِ إِلَى الَّذِي بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ شُعُورٍ بِأَنَّهُ يُعَدِّدُ لَهُ أَشْيَاءَ.

وَقَدْ عُدَّ سَبْعَةٌ مِنْ مَظَاهِرِ الْأَهْوَالِ:

أَوَّلُهَا: دُعَاءُ الدَّاعِي فَإِنَّهُ مُؤْذِنٌ بَأَنَّهُمْ مُحْضَرُونَ إِلَى الْحِسَابِ، لِأَن مفعول يَدْعُ مَحْذُوفٌ بِتَقْدِيرِ: يَدعُوهُم الدَّاعِي لدلَالَة ضَمِيرِ عَنْهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ الْمَحْذُوفِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ يَدْعُو إِلَى شَيْءٍ عَظِيمٍ لِأَنَّ مَا فِي لَفْظِ شَيْءٍ مِنَ الْإِبْهَامِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مَهُولٌ، وَمَا فِي تَنْكِيرِهِ مِنَ التَّعْظِيمِ يُجَسِّمُ ذَلِكَ الْهَوْلَ.

وَثَالِثُهَا: وَصْفُ شَيْءٍ بِأَنَّهُ نُكُرٍ، أَيْ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ تُنْكِرُهُ النُّفُوسُ وَتَكْرَهُهُ.

وَالنُّكُرُ بِضَمَّتَيْنِ: صِفَةٌ، وَهَذَا الْوَزْنُ قَلِيلٌ فِي الصِّفَاتِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: رَوْضَةٌ أُنُفٌ، أَيْ جَدِيدَةٌ لَمْ تَرْعَهَا الْمَاشِيَةُ، وَرَجُلٌ شُلُلٌ، أَيْ خَفِيفٌ سَرِيعٌ فِي الْحَاجَاتِ، وَرَجُلٌ سُجُحٌ بِجِيمٍ قَبْلَ الْحَاءِ، أَيْ سَمْحٌ، وَنَاقَةٌ أُجُدٌ: قَوِيَّةٌ مُوَثَّقَةُ فَقَارِ الظَّهْرِ، وَيَجُوزُ إِسْكَانُ عَيْنِ الْكَلِمَةِ فِيهَا لِلتَّخْفِيفِ وَبِهِ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ هُنَا.

وَرَابِعُهَا: خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ أَيْ ذَلِيلَةٌ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرَفٍ خَفِيٍّ لَا تَثْبُتُ أَحْدَاقُهُمْ فِي وُجُوهِ النَّاسِ، وَهِيَ نَظْرَةُ الْخَائِفِ الْمُفْتَضَحِ وَهُوَ كِنَايَةٌ لِأَنَّ ذِلَّةَ الذَّلِيلِ وَعِزَّةَ الْعَزِيزِ تَظْهَرَانِ فِي عُيُونِهِمَا.

وَخَامِسُهَا: تَشْبِيهُهُمْ بِالْجَرَادِ الْمُنْتَشِرِ فِي الِاكْتِظَاظِ وَاسْتِتَارِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا يُفِيدُهُ التَّشْبِيهُ مِنَ الْكَثْرَةِ وَالتَّحَرُّكِ.

وَسَادِسُهَا: وَصْفُهُمْ بِمُهْطِعِينَ، وَالْمُهْطِعُ: الْمَاشِي سَرِيعًا مَادًّا عُنُقه، وَهِي مَشِيئَة مذعور غير ملتف إِلَى شَيْءٍ، يُقَالُ: هَطَعَ وَأَهْطَعَ.

وَسَابِعُهَا: قَوْلُهُمْ: هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ وَهُوَ قَوْلٌ مِنْ أَثَرِ مَا فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ