تَحْلَاقِ اللِّمَمِ، وَيَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ. وَإِنَّمَا يُضَافُ الْيَوْمُ إِلَى النَّحْسِ بِاعْتِبَارِ الْمَنْحُوسِ، فَهُوَ يَوْمُ نَحْسٍ لِلْمُعَذَّبِينَ يَوْم نَصْرٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَمَصَائِبُ قَوْمٍ عِنْدَ قَوْمٍ فَوَائِدُ.. وَلَيْسَ فِي الْأَيَّامِ يَوْمٌ يُوصَفُ بِنَحْسٍ أَوْ بِسَعْدٍ لِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ تَحْدُثُ فِيهِ نُحُوسٌ لِقَوْمٍ وَسُعُودٌ لِآخَرِينَ، وَمَا يُرْوَى مِنْ أَخْبَارٍ فِي تَعْيِينِ بَعْضِ أَيَّامِ السَّنَةِ لِلنَّحْسِ هُوَ مِنْ أَغْلَاطِ الْقَصَّاصِينَ فَلَا يُلْقِي الْمُسْلِمُ الْحَقُّ إِلَيْهَا سَمْعَهُ.
وَاشْتَهَرَ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ التَّشَاؤُمُ بِيَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ. وَأَصْلُ ذَلِكَ انْجَرَّ لَهُمْ مِنْ عَقَائِدِ مَجُوسِ الْفُرْسِ، وَيُسَمُّونَ الْأَرْبِعَاءَ الَّتِي فِي آخِرِ الشَّهْرِ «الْأَرْبِعَاءَ الَّتِي لَا تَدُورُ» ، أَيْ لَا تَعُودُ، أَرَادُوا بَهَذَا الْوَصْفِ ضَبْطَ مَعْنَى كَوْنِهَا آخِرَ الشَّهْرِ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّهُ جَمِيعُ النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْهُ وَإِلَّا فَأَيَّةُ مُنَاسَبَةٍ بَيْنَ عَدَمِ الدَّوَرَانِ وَبَيْنَ الشُّؤْمِ، وَمَا مِنْ يَوْمٍ إِلَّا وَهُوَ يَقَعُ فِي الْأُسْبُوعِ الْأَخِيرِ مِنَ الشَّهْرِ وَلَا يَدُورُ فِي ذَلِكَ الشَّهْرِ.
وَمِنْ شِعْرِ بَعْضِ الْمُوَلَّدِينِ مِنَ الْخُرَاسَانِيِّينَ:
لِقَاؤُكَ لِلْمُبَكِّرِ فَأَلُ سُوءٍ ... وَوَجْهُكَ أَرْبِعَاءٌ لَا تَدُورُ
وَانْظُرْ مَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ.
ومُسْتَمِرٍّ: صِفَةُ نَحْسٍ، أَيْ نَحْسٍ دَائِمٍ عَلَيْهِمْ فَعُلِمَ مِنَ الِاسْتِمْرَارِ أَنَّهُ أَبَادَهُمْ إِذْ لَوْ نَجَوْا لَمَا كَانَ النَّحْسُ مُسْتَمِرًّا. وَلَيْسَ مُسْتَمِرٍّ صفة ل يَوْمِ إِذْ لَا مَعْنَى لِوَصْفِهِ بِالِاسْتِمْرَارِ.
وَالْكَلَامُ فِي اشْتِقَاقِ مُسْتَمِرٍّ تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ [الْقَمَر:
٢] .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنْ مَرَّ الشَّيْءُ قَاصِرًا، إِذَا كَانَ مُرًّا، وَالْمَرَارَةُ مُسْتَعَارَةٌ لِلْكَرَاهِيَةِ وَالنَّفْرَةِ فَهُوَ وَصْفٌ كَاشِفٌ لِأَنَّ النَّحْسَ مَكْرُوهٌ.
وَالنَّزْعُ: الْإِزَالَةُ بِعُنْفٍ لِئَلَّا يَبْقَى اتِّصَالٌ بَيْنَ الْمُزَالِ وَبَيْنَ مَا كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ، وَمِنْهُ نَزْعُ الثِّيَابِ.
وَالْأَعْجَازُ جَمْعُ عَجُزٍ: وَهُوَ أَسْفَلُ الشَّيْءِ، وَشَاعَ إِطْلَاقُ الْعَجُزِ عَلَى آخِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute