تَبْلُغُ الْحُلْقُومَ هِيَ الرُّوحُ حُذِفَ إِيجَازًا نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: ٣٢] أَيِ الشَّمْسُ. وَ (الْ) فِي الْحُلْقُومَ لِلْعَهْدِ الْجِنْسِيِّ.
وَجُمْلَةُ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ بَلَغَتِ وَمَفْعُولُ تَنْظُرُونَ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرِهُ: تَنْظُرُونَ صَاحِبَهَا، أَيْ صَاحِبَ الرُّوحِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ، وَفَائِدَةُ هَذِهِ الْحَالِ تَحْقِيقُ أَنَّ اللَّهَ صَرَفَهُمْ عَنْ مُحَاوَلَةِ إِرْجَاعِهَا مَعَ شِدَّةِ أَسَفِهِمْ لِمَوْتِ الْأَعِزَّةِ.
وَجُمْلَةُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ مَفْعُولِ تَنْظُرُونَ الْمَحْذُوفِ، أَوْ مُعْتَرِضَةٌ وَالْوَاوُ اعْتِرَاضِيَّةٌ.
وَأَيًّا مَا كَانَتْ فَهِيَ احْتِرَاسٌ لِبَيَانِ أَنَّ ثَمَّةَ حُضُورًا أَقْرَبَ مِنْ حُضُورِهِمْ عِنْدَ الْمُحْتَضِرِ وَهُوَ حُضُورُ التَّصْرِيفِ لِأَحْوَالِهِ الْبَاطِنَةِ.
وَقُرْبُ اللَّهِ: قُرْبُ عِلْمٍ وَقُدْرَةٍ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: وَجاءَ رَبُّكَ [الْفجْر: ٢٢] أَوْ قُرْبُ مَلَائِكَتِهِ الْمُرْسَلِينَ لِتَنْفِيذِ أَمْرِهِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ
[الْأَعْرَاف: ٥٢] ، أَيْ جَاءَهُمْ جِبْرِيلٌ بِكِتَابٍ، قَالَ تَعَالَى: حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا يَتَوَفَّوْنَهُمْ [الْأَعْرَاف: ٣٧] .
وَجُمْلَةُ وَلكِنْ لَا تُبْصِرُونَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَجُمْلَةِ فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ وَكَلِمَةُ فَلَوْلا الثَّانِيَةُ تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ لِنَظِيرِهَا السَّابِقِ أُعِيدَ لِتُبْنَى عَلَيْهِ جُمْلَةُ تَرْجِعُونَها لِطُولِ الْفَصْلِ.
وَجُمْلَةُ إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ مُعْتَرِضَةٌ أَوْ حَالٌ مِنَ الْوَاوِ فِي تَرْجِعُونَها.
وَجَوَابُ شَرْطِ إِنْ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ فِعْلُ تَرْجِعُونَها. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَوْلُهُ:
تَرْجِعُونَها سَدَّ مَسَدَّ الْأَجْوِبَةِ وَالْبَيَانَاتِ الَّتِي تَقْتَضِيهَا التَّحْضِيضَاتُ، وإِذا مِنْ قَوْلِهِ:
فَلَوْلا إِذا بَلَغَتِ وَ (إِنْ) الْمُتَكَرِّرَةُ وَحَمْلُ بَعْضُ الْقَوْلِ بَعْضًا إِيجَازٌ أَوِ اقْتِضَابَاتٌ» اه.