ثَقِيفٍ) وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ (السُّلَمِيِّ حَلِيفِ بَنِي أَسَدٍ) كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَرَى أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا نَقُولُ؟ فَقَالَ الْآخَرُ: يَعْلَمُ بَعْضًا وَلَا يَعْلَمُ بَعْضًا. وَقَالَ الثَّالِثُ: إِنْ كَانَ يَعْلَمُ بَعْضًا فَهُوَ يَعْلَمُ كُلَّهُ. اهـ. وَلَمْ أَرَ هَذَا فِي غَيْرِ «الْكَشَّافِ» وَلَا مُنَاسَبَةَ لِهَذَا بِالْوَعِيدِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ فَإِنَّ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةَ كَانُوا مُسْلِمِينَ وَعُدُّوا فِي الصَّحَابَةِ وَكَأَنَّ هَذَا تَخْلِيطٌ مِنَ الرَّاوِي بَيْنَ سَبَبِ نُزُولِ آيَةِ وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ فِي سُورَةِ فُصِّلَتْ [٢٢] . كَمَا فِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» وَبَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ. وَرُكِّبَتْ أَسْمَاءُ ثَلَاثَةٍ آخَرِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ لِأَنَّ الْآيَةَ مَدَنِيَّةٌ فآية النَّجْوَى إِنَّمَا هِيَ فِي تَنَاجِي الْمُنَافِقِينَ أَوْ فِيهِمْ وَفِي الْيَهُودِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ مُفَرَّعٌ مِنْ
أَكْوَانٍ وَأَحْوَالٍ دَلَّ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا يَكُونُ وَالْجُمَلُ الَّتِي بعد حرف الِاسْتِثْنَاء فِي مَوَاضِعِ أَحْوَالٍ. وَالتَّقْدِيرُ: مَا يكون من نَجْوَى ثَلَاثَةٍ فِي حَالٍ مِنْ عِلْمِ غَيْرِهِمْ بِهِمْ وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِمْ إِلَّا حَالَةٌ اللَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَيْهِمْ.
وَتَكْرِيرُ حَرْفِ النَّفْيِ فِي الْمَعْطُوفَاتِ عَلَى الْمَنْفِيِّ أُسْلُوبٌ عَرَبِيٌّ وَخَاصَّةً حَيْثُ كَانَ مَعَ كُلٍّ مِنَ الْمَعَاطِيفِ اسْتِثْنَاءٌ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَلا أَكْثَرَ بِنَصْبِ أَكْثَرَ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ نَجْوى. وَقَرَأَهُ يَعْقُوبُ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ نَجْوى لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ بِحَرْفِ جَرٍّ زَائِدٍ.
وأَيْنَ مَا مُرَكَّبٌ مِنْ (أَيْنَ) الَّتِي هِيَ ظَرْفُ مَكَانٍ وَ (مَا) الزَّائِدَةُ. وَأُضِيفَ (أَيْنَ) إِلَى جُمْلَةِ كانُوا، أَيْ فِي أَيِّ مَكَانٍ كَانُوا فِيهِ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ [٤] .
وثُمَّ لِلتَّرَاخِي الرُّتَبِيِّ لِأَنَّ إِنْبَاءَهُمْ بِمَا تَكَلَّمُوا وَمَا عَمِلُوهُ فِي الدُّنْيَا فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَدَلُّ عَلَى سِعَةِ عِلْمِ اللَّهِ مِنْ عِلْمِهِ بِحَدِيثِهِمْ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ مُعْظَمَ عِلْمِ الْعَالَمِينَ يَعْتَرِيهِ النِّسْيَانُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ مِنَ الطُّولِ وَكَثْرَةِ تَدْبِيرِ الْأُمُورِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَفِي هَذَا وَعِيدٌ لَهُمْ بِأَنَّ نَجْوَاهُمْ إِثْمٌ عَظِيمٌ فَنُهِيَ عَنْهُ وَيَشْمَلُ هَذَا تَحْذِيرَ مَنْ يُشَارِكُهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute