وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يُعْطِيهِ الْمُسْلِمُونَ لَهُنَّ أُجُورًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ.
وَالْمُكَلَّفُ بِإِرْجَاعِ مُهُورِ الْأَزْوَاجِ الْمُشْرِكِينَ إِلَيْهِمْ هُمْ وُلَاةُ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ.
وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ.
وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى: وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى خُصُوصِ قَوْلِهِ: إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ لِئَلَّا يُظَنُّ أَنَّ مَا دُفِعَ لِلزَّوْجِ السَّابِقِ مُسْقِطٌ اسْتِحْقَاقَ الْمَرْأَةِ الْمَهْرَ مِمَّنْ يَرُومُ تَزْوِيجَهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ نِكَاحَهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ.
وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ.
نَهَى اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَنْ إِبْقَاءِ النِّسَاءِ الْكَوَافِرِ فِي عِصْمَتِهِمْ وَهن النِّسَاء اللاء لَمْ يَخْرُجْنَ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ لِكُفْرِهِنَّ فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ طَلَّقَ الْمُسْلِمُونَ مَنْ كَانَ لَهُمْ مِنْ أَزْوَاجٍ بِمَكَّةَ، فَطَلَّقَ عُمَرُ امْرَأَتَيْنِ لَهُ بِقَيَتَا بِمَكَّةَ مُشْرِكَتَيْنِ، وَهُمَا: قُرَيْبَةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ، وَأُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَمْرٍو الْخُزَاعِيَّةُ.
وَالْمُرَادُ بِالْكَوَافِرِ: الْمُشْرِكَاتُ. وَهُنَّ مَوْضُوعُ هَذِهِ التَّشْرِيعَاتِ لِأَنَّهَا فِي حَالَةٍ وَاقِعَةٍ فَلَا تَشْمَلُ الْآيَةُ النَّهْيَ عَنْ بَقَاءِ الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ فِي عِصْمَةِ زَوْجٍ مُشْرِكٍ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ حُكْمُ ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ.
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: رَأَيْتُ لِأَبِي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ الْفَقِيهَ أَبَا الْحَسَنِ الْكَرْخِيَّ يَقُولُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ أَنَّهُ فِي الرِّجَالِ وَالنِّسْوَانِ، فَقُلْتُ لَهُ: النَّحْوِيُّونَ لَا يَرَوْنَهُ إِلَّا فِي النِّسَاءِ لِأَنَّ كَوَافِرَ جُمَعُ كَافِرَةٍ، فَقَالَ: وَآيْشُ يَمْنَعُ مِنْ هَذَا، أَلَيْسَ النَّاسُ يَقُولُونَ: طَائِفَةٌ كَافِرَةٌ، وَفِرْقَةٌ كَافِرَةٌ، فَبُهِتُّ وَقُلْتُ: هَذَا تَأْيِيدٌ اه.
وَجَوَابُ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute