سَوَاءٌ عَلَيْنَا يَا جَمِيلُ بْنَ مَعْمَرٍ ... إِذَا مِتَّ بَأْسَاءُ الْحَيَاةِ وَلِينُهَا
فَلَا أَحْسَبُهُ صَحِيحَ الرِّوَايَةِ.
وَسَوَاءٌ اسْمٌ بِمَعْنَى مُسَاوٍ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْجَامِدِ فِي الْغَالِبِ فَلَا يَتَغَيَّرُ خَبَرُهُ نَقُولُ: هُمَا سَوَاءٌ، وَهُمْ سَوَاء. وشذ قَوْلهم: سِوَاءَيْنِ.
وَ (عَلَى) مِنْ قَوْلِهِ: عَلَيْهِمْ بِمَعْنَى تَمَكُّنِ الْوَصْفِ. فَالْمَعْنَى: سَوَاءٌ فِيهِمْ.
وَهَمْزَةُ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَصْلُهَا هَمْزَةُ اسْتِفْهَامٍ بِمَعْنَى: سَوَاءٌ عِنْدَهُمْ سُؤَالُ السَّائِلِ عَنْ وُقُوعِ الِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ وَسُؤَالُ السَّائِلِ عَنْ عَدَمِ وُقُوعِهِ. وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ مَجَازِيٌّ مُسْتَعْمَلٌ كِنَايَةً عَنْ قِلَّةِ الِاعْتِنَاءِ بِكَلَا الْحَالَيْنِ بِقَرِينَةِ لَفْظِ سَوَاءٍ وَلِذَلِكَ يُسَمِّي النُّحَاةُ هَذِهِ الْهَمْزَةَ التَّسْوِيَةَ. وَتَقَدِّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٦] ، أَيْ سَوَاءٌ عِنْدَهُمُ اسْتِغْفَارُكَ لَهُمْ وَعَدَمُهُ. فَ (عَلَى) لِلِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ الَّذِي هُوَ التَّمَكُّن والتلبس فتؤول إِلَى مَعْنَى (عِنْدَ) كَمَا تَقُولُ سَوَاءٌ عَلَيَّ أَرَضِيتُ أَمْ غَضِبْتُ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ [١٣٦] .
وَجُمْلَةُ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ سَواءٌ عَلَيْهِمْ وَجُمْلَةِ هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ [المُنَافِقُونَ: ٧] وَهِيَ وَعِيدٌ لَهُمْ وَجَزَاءٌ عَلَى اسْتِخْفَافِهِمْ بِالِاسْتِغْفَارِ مِنْ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ.
جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا عَنْ حَالٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ.
وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ تَعْلِيلٌ لِانْتِفَاءِ مَغْفِرَةِ اللَّهِ لَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ غَضِبَ عَلَيْهِمْ فَحَرَمَهُمُ اللُّطْفَ وَالْعِنَايَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute