«مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ» كَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ رَوَاهُ عَنِ الْحَاكِمِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ: هُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ. فَإِنَّ رِجَالَ سَنَدِهِ ثِقَاتٌ.
وَفِي «أَسْبَابِ النُّزُولِ» لِلْوَاحِدِيِّ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ خَلَّادَ (١) بْنَ النُّعْمَانِ وَأُبَيًّا سَأَلَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
. وَقِيلَ: إِنَّ السَّائِلَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ سَأَلَ عَنْ عِدَّةِ الْآيِسَةِ.
فَالرِّيبَةُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ تَكُونُ مُرَادًا بِهَا مَا حَصَلَ مِنَ التَّرَدُّدِ فِي حُكْمِ هَؤُلَاءِ الْمُطَلَّقَاتِ فَتَكُونُ جُمْلَةُ الشَّرْطِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَهُوَ الْمَوْصُولُ وَبَيْنَ خَبَرِهِ وَهُوَ جُمْلَةُ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ.
وَالْفَاءُ فِي فَعِدَّتُهُنَّ دَاخِلَةٌ عَلَى جُمْلَةِ الْخَبَرِ لِمَا فِي الْمَوْصُولِ مِنْ مَعْنَى الشَّرْطِ مِثْلَ قَوْله تَعَالَى: وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما [النِّسَاء: ١٦] وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ.
وَالِارْتِيَابُ عَلَى هَذَا قَدْ وَقَعَ فِيمَا مَضَى فَتَكُونُ إِنِ مُسْتَعْمَلَةً فِي مَعْنَى الْيَقِينِ بِلَا نُكْتَةٍ.
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: مَشَى أَصْحَابُهَا إِلَى أَنَّ مَرْجِعَ الْيَأْسِ وَمَرْجِعَ الِارْتِيَابِ وَاحِدٌ، وَهُوَ حَالَةُ الْمُطَلَّقَةِ مِنَ الْمَحِيضِ، وَهُوَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَقَتَادَةَ وَابْنِ زَيْدٍ وَبِهِ فَسَّرَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ هَادٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَنَسَبَهُ ابْنُ لُبَابَةَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ.
وَهَذَا التَّفْسِيرُ يَمْحَضُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الِارْتِيَابِ حُصُولَ الرَّيْبِ فِي حَالِ الْمَرْأَةِ.
وَعَلَى هَذَا فَجُمْلَةُ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ خَبَرٌ عَنْ اللَّائِي يَئِسْنَ، أَيْ إِنِ ارْتَبْنَ هُنَّ وَارْتَبْتُمْ أَنْتُمْ لِأَجْلِ ارْتِيَابِهِنَّ، فَيَكُونُ ضَمِيرُ جَمْعِ الذُّكُورِ الْمُخَاطَبِينَ تَغْلِيبًا وَيَبْقَى الشَّرْطُ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ. وَالِارْتِيَابُ مُسْتَقْبَلٌ وَالْفَاءُ رَابِطَةٌ لِلْجَوَابِ.
(١) خَلاد بخاء مُعْجمَة فِي أَوله ابْن النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ. قَالَ فِي «الْإِصَابَة» : لم يذكر إلّا فِي تَفْسِير مقَاتل.