وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [الْبَقَرَة: ٢٣٤] بِمَا فِي آيَةِ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ مِنْ خُصُوصٍ بِالنَّظَرِ إِلَى الْحَوَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ، إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ تَنْتَهِيَ عِدَّةُ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الَّتِي مَضَتْ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَبْلَ وَضْعِ حَمْلِهَا مِنْ عِدَّةِ زَوْجِهَا، وَهِيَ فِي حَالَةِ حَمْلٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَرَّرٌ بُطْلَانُهُ مِنْ عِدَّةِ أَدِلَّةٍ فِي الشَّرِيعَةِ لَا خِلَافَ فِيهَا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى.
وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» «عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا عُظْمٌ مِنَ الْأَنْصَارِ (أَيْ بِالْكُوفَةِ) وَفِيهِمْ عبد الرحمان بْنُ أَبِي لَيْلَى وَكَانَ أَصْحَابه يعظمونه فَذَكَرَ آخِرَ الْأَجَلَيْنِ، فَحَدَّثَتُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَقَالَ عبد الرحمان.
لَكِنَّ عَمَّهُ (أَيْ عَمَّ عُتْبَةَ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ) كَانَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ (أَيْ لَمْ يُحَدِّثْنَا بِهِ) فَقُلْتُ: إِنِّي إِذَنْ لَجَرِيءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي جَانِبِ الْكُوفَةِ (وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُتْبَةَ سَاكِنًا بِظَاهِرِ الْكُوفَةِ) فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ عَامِرًا أَوْ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ فَقُلْتُ: كَيْفَ كَانَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ، فَقَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلَا تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَةَ لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى (أَيِ الْبَقَرَةِ) .
وَفِي «الْبُخَارِيِّ» عَنْ أَبِي سَلَمَةَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالَسٌ عِنْدَهُ فَقَالَ: أَفْتِنِي فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ الْأَجَلَيْنِ: فَقُلْتُ أَنَا وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي (أَيْ مَعَ أَبِي سَلَمَةَ) فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كُرَيْبًا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا فَقَالَتْ: قُتِلَ (كَذَا وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ مَاتَ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ) زَوْجُ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ وَهِيَ حُبْلَى فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَخُطِبَتْ فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ
. وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ. وَلَمْ يُذْكَرْ رُجُوعُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ.
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute