للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رحمه الله: "الأصحّ أنّ الفسق لا يمنع من ولاية النكاح، لأنّ العدالة شُرطت من الولاية، حثًّا للولاة على القيام بمصالح الولايات، ودفع مفاسدها، وطبع الولي يحثّه على تحصيل مصالح النكاح، ويزعه عن إدخال العار على نفسه وعلى وليه، والوازع الطبعي أقوى من الوازع الشرعي".

وسُئل عن تزويج الولي موليته ممّن لا يواظب على الصلاة؛ فقال رحمه الله تعالى: "لا يجوز ذلك إجبارًا، ويجوز برضاها إنْ كانت ممّن يعتبر رضاها، ويكره كراهة شديدة إلَّا أنْ يخاف من فاحشة، أو ريبة، ولا ينعقد النكاح إلَّا بحضور عدلين مستورين، يغلب على الظنّ عدالتهما".

ولا يضير الإمام العز أن يُخالف شيخه الفخر بن عساكر في مسألة كتابة الصداق في الحرير؛ يقول ابن السُّبكيّ: "كان الشيخ ابن عساكر رحمه الله يُفتي بجواز كتابة الصداق على الحرير وخالفه تلميذه شيخ الإسلام عز الدين ابن عبد السلام فأفتى بالمنع، وبه أفتى النووي، إلا أنه عزا ذلك إلى تصريح أصحابنا، ولم أجد ذلك في كلام واحد منهم" (١).

ويظهر من هذه النماذج من فتاوى العزّ حرصه على الالتزام بالكتاب والسنَّة، وما ثبت عن الصحابة والسلف، وما شاع وانتشر في العالم الإسلامي، وعرف من الدين بالضرورة، وأنّه يجمع في الاستدلال والتعليل بين النقل والعقل، والنصوص والمصالح، بما يتّفق مع مقاصد الشريعة، ويحقق النتائج العملية لأحكام الدين.

كما يظهر أنّ الإمام العزّ بن عبد السلام لم يكن مفتيًا كأكثر المفتين


(١) "طبقات الشافعية الكبرى" (٨/ ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>