للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى جَوَابِ (إِذَا) ، أَعْنِي قَوْلَهُ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: فَيَوْمَئِذٍ فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَعْنَى فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ إِلَخْ لِأَنَّ تَنْوِينَ (يَوْمَئِذٍ) عِوَضٌ عَنْ جُمْلَةٍ تَدَلُّ عَلَيْهَا جُمْلَةُ نُفِخَ فِي الصُّورِ إِلَى قَوْلِهِ دَكَّةً واحِدَةً، أَيْ فَيَوْمُ إِذْ نُفِخَ فِي الصُّورِ إِلَى آخِرِهِ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ بِمُرَادِفِ الْمُؤَكَّدِ، فَإِنَّ الْمُرَادَ بِ (يَوْمَ) مِنْ قَوْلِهِ فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ، مُطْلَقُ الزَّمَانِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِي وُقُوعِهِ مُضَافًا إِلَى (إِذَا) .

وَمَعْنَى وَقَعَتِ الْواقِعَةُ تَحَقُّقُ مَا كَانَ مُتَوَقَّعًا وُقُوعُهُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُتَوَعَّدُونَ بِوَاقِعَةٍ عَظِيمَةٍ فَيَوْمَئِذٍ يَتَحَقَّقُ مَا كَانُوا يُتَوَعَّدُونَ بِهِ.

فَعَبَّرَ عَنْهُ بِفِعْلِ الْمُضِيِّ تَنْبِيهًا عَلَى تَحْقِيقِ حُصُولِهِ.

وَالْمَعْنَى: فَحِينَئِذٍ تَقَعُ الْوَاقِعَةُ.

والْواقِعَةُ: مُرَادِفَةٌ لِلْحَاقَّةِ وَالْقَارِعَةِ، فَذِكْرُهَا إِظْهَارٌ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِزِيَادَةِ التَّهْوِيلِ وَإِفَادَةِ مَا تَحْتَوِي عَلَيْهِ مِنَ الْأَحْوَال الَّتِي تنبىء عَنْهَا مَوَارِدُ اشْتِقَاقِ أَوْصَافِ الْحَاقَّةِ وَالْقَارِعَةِ وَالْوَاقِعَةِ.

والْواقِعَةُ صَارَ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ فِي اصْطِلَاحِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْبَعْثِ قَالَ تَعَالَى: إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ [الْوَاقِعَة: ١- ٢] .

وَفِعْلُ انْشَقَّتِ السَّماءُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى جُمْلَةِ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِشَرْطِ (إِذَا) ، وَتَأْخِيرُ عَطْفِهِ لِأَجْلِ مَا اتَّصَلَ بِهَذَا الْانْشِقَاقِ مَنْ وَصْفِ الْمَلَائِكَةِ الْمُحِيطِينَ بِهَا، وَمِنْ ذِكْرِ الْعَرْشِ الَّذِي يُحِيطُ بِالسَّمَاوَاتِ وَذِكْرِ حَمَلَتِهِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً فِي مَوْضِعِ الْحَالِ بِتَقْدِيرِ: وَقَدِ انْشَقَّتِ السَّمَاءُ.

وَانْشِقَاقُ السَّمَاءِ: مُطَاوَعَتُهَا لِفِعْلِ الشَّقِّ، وَالشَّقُّ: فَتْحُ مَنَافِذَ فِي مُحِيطِهَا، قَالَ تَعَالَى: وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً [الْفرْقَان: ٢٥، ٢٦] .

ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ غَيْرُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ [الرَّحْمَن: ٣٧] وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَيْنُهُ.