وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ خُضْرٌ بِالْجَرِّ نَعْتًا لِ سُندُسٍ، وإِسْتَبْرَقٌ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى ثِيابُ.
وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ خُضْرٌ بِالرَّفْعِ وإِسْتَبْرَقٌ بِالْجَرِّ
عَطْفًا عَلَى سُندُسٍ بِتَقْدِيرِ: وَثِيَابُ إِسْتَبْرَقٍ.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ خُضْرٌ بِالْجَرِّ نَعْتًا لِ سُندُسٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ بَيَانٌ لِلثِّيَابِ فَهُوَ فِي معنى الْجمع. وَقَرَأَ وإِسْتَبْرَقٌ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى سُندُسٍ.
وَالْأَسَاوِرُ: جَمْعُ سُوَارٍ وَهُوَ حَلْيٌ شَكْلُهُ أُسْطُوَانِيٌّ فَارِغُ الْوَسَطِ يَلْبَسُهُ النِّسَاءُ فِي مَعَاصِمِهِنَّ وَلَا يَلْبَسُهُ الرِّجَالُ إِلَّا الْمُلُوكَ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ سُوَارَيْ كِسْرَى.
وَالْمَعْنَى: أَنَّ حَالَ رِجَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَالُ الْمُلُوكِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النِّسَاءَ يَتَحَلَّيْنَ بِأَصْنَافِ الْحُلِيِّ.
وَوُصِفَتِ الْأَسَاوِرُ هُنَا بِأَنَّهَا مِنْ فِضَّةٍ. وَفِي سُورَةِ الْكَهْفِ [٣١] بِأَنَّهَا مِنْ ذَهَبٍ فِي قَوْلِهِ: يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ، أَيْ مَرَّةً يُحَلَّوْنَ هَذِهِ وَمَرَّةً الْأُخْرَى، أَوْ يُحَلَّوْنَهُمَا جَمِيعًا بِأَنْ تُجْعَلَ مُتَزَاوِجَةً لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْهَجُ مَنْظَرًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْله:
كانَتْ قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ [الْإِنْسَان: ١٥، ١٦] .
وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً.
هَذَا احْتِرَاسٌ مِمَّا يُوهِمُهُ شُرْبُهُمْ مِنَ الْكَأْسِ الْمَمْزُوجَةِ بِالْكَافُورِ وَالزَّنْجَبِيلِ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَا فِي أَمْثَالِهَا الْمَعْرُوفَةِ فِي الدُّنْيَا وَمِنَ الْغَوْلِ وَسُوءِ الْقَوْلِ وَالْهَذَيَانِ، فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِكَوْنِ شَرَابِهِمْ طَهُورًا بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ فِي الطَّهَارَةِ وَهِيَ النَّزَاهَةُ مِنَ الْخَبَائِثِ، أَيْ مُنَزَّهًا عَمَّا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْخَبَاثَةِ وَالْفَسَادِ.
وَأَسْنَدَ سَقْيَهُ إِلَى رَبِّهِمْ إِظْهَارًا لِكَرَامَتِهِمْ، أَيْ أَمَرَ هُوَ بِسَقْيِهِمْ كَمَا يُقَالُ: أَطْعَمَهُمْ رَبُّ الدَّار وسقاهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute