عَنْ سَقْطِ الْقَوْلِ وَسُفْلِ الْكَلَامِ كَمَا فِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْوَاقِعَةِ [٢٥] لَا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً وَاللَّغْوُ: الْكَلَامُ الْبَاطِلُ وَالْهَذَيَانُ وَسَقْطُ الْقَوْلِ الَّذِي لَا يُورَدُ عَنْ رَوِيَّةٍ وَلَا تَفْكِيرٍ.
وَالْكِذَّابُ: تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ آنِفًا.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: كِذَّاباً هُنَا مُشَدَّدًا، وَقَرَأَهُ الْكِسَائِيُّ هُنَا بِتَخْفِيفِ الذَّالِ، وَانْتُصِبَ جَزاءً عَلَى الْحَالِ مِنْ مَفازاً وَأَصْلُ الْجَزَاءِ مَصْدَرُ جَزَى، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمُجَازَى بِهِ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَفْعُولِ، فَالْجَزَاءُ هُنَا الْمُجَازَى بِهِ وَهُوَ الْحَدَائِقُ وَالْجَنَّاتُ وَالْكَوَاعِبُ وَالْكَأْسُ.
وَالْجَزَاءُ: إِعْطَاءُ شَيْءٍ عِوَضًا عَلَى عَمَلٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ الْجَزَاءُ عَلَى أَصْلِ مَعْنَاهُ الْمَصْدَرِيِّ وَيَنْتَصِبَ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ الْآتِي بَدَلًا مِنْ فِعْلٍ مُقَدَّرٍ. وَالتَّقْدِيرُ: جَزَيْنَا الْمُتَّقِينَ.
وَإِضَافَةُ رَبِّ إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِ مُرَادًا بِهِ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ جَزَاءَ الْمُتَّقِينَ بِذَلِكَ يَشْتَمِلُ عَلَى إِكْرَامِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ إِسْدَاءَ هَذِهِ النِّعَمِ إِلَى الْمُتَّقِينَ كَانَ لِأَجْلِ إِيمَانِهِمْ بِهِ وَعَمَلِهِمْ بِمَا هَدَاهُمْ إِلَيْهِ.
ومِنْ ابْتِدَائِيَّةٌ، أَيْ صَادِرًا مِنْ لَدُنِ اللَّهِ، وَذَلِكَ تَنْوِيهٌ بِكَرَمِ هَذَا الْجَزَاءِ وَعِظَمِ شَأْنِهِ.
وَوصف الْجَزَاء بعطاء وَهُوَ اسْم لم يُعْطَى، أَيْ يُتَفَضَّلُ بِهِ بِدُونِ عِوَضٍ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ مَا جُوزُوا بِهِ أَوْفَرُ مِمَّا عَمِلُوهُ، فَكَانَ مَا ذُكِرَ لِلْمُتَّقِينَ مِنَ الْمَفَازِ وَمَا فِيهِ جَزَاءً شُكْرًا لَهُمْ وَعَطَاءً كَرَمًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَكَرَامَةً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ إِذْ جُعِلَ ثَوَابُهَا أَضْعَافًا.
وحِساباً: اسْمُ مَصْدَرِ حَسَبَ بِفَتْحِ السِّينِ يَحْسُبُ بِضَمِّهَا، إِذَا عَدَّ أَشْيَاءَ وَجَمِيعُ مَا تَصَرَّفَ مِنْ مَادَّةِ حَسَبَ مُتَفَرِّعٌ عَنْ مَعْنَى الْعَدِّ وَتَقْدِيرِ الْمِقْدَارِ، فَوَقَعَ حِساباً صِفَةَ جَزاءً، أَيْ هُوَ جَزَاءٌ كَثِيرٌ مُقَدَّرٌ عَلَى أَعْمَالِهِمْ.
وَالتَّنْوِينُ فِيهِ لِلتَّكْثِيرِ، وَالْوَصْفُ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ لِلْمُبَالَغَةِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute