الِاسْتِقْبَالِ، وَإِنَّمَا يُؤْتَى بَعْدَ (إِذا) بِفعل الْمَاضِي لِزِيَادَةِ تَحْقِيقِ مَا يُفِيدُهُ (إِذَا) مِنْ تَحَقُّقِ الْوُقُوعِ.
وَالْمَجِيءُ: هُنَا مَجَازٌ فِي الْحُصُولِ وَالْوُقُوعِ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُوَقَّتَ الْمُؤَجَّلَ بِأَجَلٍ يُشْبِهُ شَخْصًا سَائِرًا إِلَى غَايَةٍ، فَإِذَا حَصَلَ ذَلِكَ الْمُؤَجَّلُ عِنْدَ أَجَلِهِ فَكَأَنَّهُ السائر إِلَى، إِذا بَلَغَ الْمَكَانَ الْمَقْصُودَ.
وَالطَّامَّةُ: الْحَادِثَةُ، أَوِ الْوَقْعَةُ الَّتِي تَطِمُّ، أَيْ تَعْلُو وَتَغْلِبُ بِمَعْنَى تَفُوقُ أَمْثَالَهَا مِنْ نَوْعِهَا بِحَيْثُ يَقِلُّ مِثْلُهَا فِي نَوْعِهَا، مَأْخُوذٌ مَنْ طَمَّ الْمَاءُ، إِذَا غَمَرَ الْأَشْيَاءَ وَهَذَا الْوَصْفُ يُؤْذِنُ بِالشِّدَّةِ وَالْهَوْلِ إِذْ لَا يُقَالُ مِثْلُهُ إِلَّا فِي الْأُمُورِ الْمَهُولَةِ ثُمَّ بُولِغَ فِي تَشْخِيصِ هَوْلِهَا بِأَنْ وُصِفَتْ بِ الْكُبْرى فَكَانَ هَذَا أَصْرَحَ الْكَلِمَاتِ لِتَصْوِيرِ مَا يقارن هَذِه الْحَادِثَةَ مِنَ الْأَهْوَالِ.
وَالْمُرَادُ بِالطَّامَّةِ الْكُبْرَى: الْقِيَامَةُ وَقَدْ وُصِفَتْ بِأَوْصَافٍ عَدِيدَةٍ فِي الْقُرْآنِ مِثْلَ الصَّاخَّةِ وَالْقَارِعَةِ وَالرَّاجِفَةِ وَوُصِفَتْ بِالْكُبْرَى.
ويَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ مَا سَعى بَدَلٌ من جملَة إِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى بَدَلُ اشْتِمَالٍ لِأَنَّ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ يَوْمٌ هُوَ مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي يَشْتَمِلُ عَلَيْهَا زَمَنُ مَجِيءِ الطَّامَّةِ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَيَوْمُ الْحِسَابِ.
وَتَذَكُّرُ الْإِنْسَانِ مَا سَعَاهُ: أَنْ يُوقَفَ عَلَى أَعْمَالِهِ فِي كِتَابِهِ لِأَنَّ التَّذَكُّرَ مُطَاوِعُ ذَكَّرَهُ.
وَالتَّذَكُّرُ يَقْتَضِي سَبْقَ النِّسْيَانِ وَهُوَ انْمِحَاءُ الْمَعْلُومِ مِنَ الْحَافِظَةِ.
وَالْمَعْنَى: يَوْمَ يُذَكَّرُ الْإِنْسَانُ فَيَتَذَكَّرُ، أَيْ يُعْرَضُ عَلَيْهِ عَمَلُهُ فَيَعْتَرِفُ بِهِ إِذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنَ التَّذَكُّرِ إِلَّا أَثَرُهُ، وَهُوَ الْجَزَاءُ فَكُنِّيَ بِالتَّذَكُّرِ عَنِ الْجَزَاءِ قَالَ تَعَالَى: اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً [الْإِسْرَاء: ١٤] .
وَتَبْرِيزُ الْجَحِيمِ: إِظْهَارُهَا لِأَهْلِهَا. وَجِيءَ بِالْفِعْلِ الْمُضَاعَفِ لِإِفَادَةِ إِظْهَارِ الْجَحِيمِ لِأَنَّهُ إِظْهَارٌ لِأَجْلِ الْإِرْهَابِ.
وَالْجَحِيمُ: جَهَنَّمُ. وَلِذَلِكَ قُرِنَ فِعْلُهُ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ لِأَنَّ جَهَنَّمَ مُؤَنَّثَةٌ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute