الِاسْتِعْمَالِ، أَوْ هُوَ بِتَأْوِيلِ النَّارِ، وَالْجَحِيمُ كُلُّ نَارٍ عَظِيمَةٍ فِي حُفْرَةٍ عَمِيقَةٍ.
وَبُنِيَ فِعْلُ بُرِّزَتِ لِلْمَجْهُولِ لِعَدَمِ الْغَرَضِ بِبَيَانِ مُبَرِّزِهَا إِذِ الْمَوْعِظَةُ فِي الْإِعْلَامِ بِوُقُوعِ إِبْرَازِهَا يَوْمَئِذٍ.
ولِمَنْ يَرى، أَيْ لِكُلِّ رَاءٍ، فَفِعْلُ يَرى مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لِمَنْ لَهُ بَصَرٌ، كَقَوْلِ الْبُحْتُرِيِّ:
أَنْ يَرَى مُبْصِرٌ وَيَسْمَعَ وَاعٍ وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَأَمَّا مَنْ طَغى رَابِطَةٌ لِجَوَابِ (إِذَا) لِأَنَّ جُمْلَةَ مَنْ طَغى إِلَى آخِرِهَا جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ لَيْسَ فِيهَا فِعْلٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ (إِذَا) فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ (إِذَا) وَبَيْنَ جَوَابِهَا ارْتِبَاطٌ لَفْظِيٌّ فَلِذَلِكَ تُجْلَبُ الْفَاءُ لِرَبْطِ الْجَوَابِ فِي ظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَأَمَّا فِي الْمَعْنَى فَيُعْلَمُ أَنَّ (إِذَا) ظَرْفٌ يَتَعَلَّقُ بِمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ الَّذِي بَيْنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ.
وَ (أَمَّا) حَرْفُ تَفْصِيلٍ وَشَرْطٍ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى: مَهْمَا يَكُنْ شَيْءٌ.
وَالطُّغْيَانُ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ آنِفًا. وَالْمُرَادُ هُنَا: طَغَى عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:
وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ.
وَقُدِّمَ ذِكْرُ الطُّغْيَانِ عَلَى إِيثَارِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِأَنَّ الطُّغْيَانَ مِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ إِيثَارِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَلَمَّا كَانَ مُسَبَّبًا عَنْهُ ذُكِرَ عَقِبَهُ مُرَاعَاةً لِلتَّرَتُّبِ الطَّبِيعِيِّ.
وَالْإِيثَارُ: تَفْضِيلُ شَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ فِي حَالٍ لَا يَتَيَسَّرُ فِيهَا الْجَمْعُ بَيْنَ أَحْوَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا.
وَيُعَدَّى فِعْلُ الْإِيثَارِ إِلَى اسْمِ الْمَأْثُورِ بِتَعْدِيَةِ الْفِعْلِ إِلَى مَفْعُولِهِ، وَيُعَدَّى إِلَى الْمَأْثُورِ عَلَيْهِ بِحَرْفِ (عَلَى) قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا [يُوسُف: ٩١] ، وَقَدْ يُتْرَكُ ذِكْرُ
الْمَأْثُورِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ ذِكْرُ الْمَأْثُورِ يُشِيرُ إِلَيْهِ كَمَا إِذَا كَانَ الْمَأْثُورُ وَالْمَأْثُورُ عَلَيْهِ ضِدَّيْنِ كَمَا هُنَا لِمَا هُوَ شَائِعٌ مِنَ الْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَقَدْ يُتْرَكُ ذِكْرُ الْمَأْثُورِ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ الْمَأْثُورِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ هُوَ الْأَهَمَّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ [الْحَشْر: ٩] لِظُهُورِ أَنَّ الْمُرَادَ يُؤْثِرُونَ الْفُقَرَاءَ.