مَوَاقِيتِ الْأَشْهُرِ وَالْفَصْلِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي نَحْوِ هَذَا: ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
[الْمَائِدَة: ٩٧] .
وَأَمَّا مُنَاسَبَةُ الْقَسَمِ بِالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ فَلِأَنَّهُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ لِأَنَّ اللَّهَ وَعَدَ بِوُقُوعِهِ قَالَ تَعَالَى: ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ [المعارج: ٤٤] مَعَ مَا فِي الْقَسَمِ بِهِ مِنْ
إِدْمَاجِ الْإِيمَاءِ إِلَى وَعِيدِ أَصْحَابِ الْقِصَّةِ الْمُقْسَمِ عَلَى مَضْمُونِهَا، وَوَعِيدِ أَمْثَالِهِمُ الْمُعَرَّضِ بِهِمْ.
وَمُنَاسَبَةُ الْقَسَمِ بِ شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ عَلَى اخْتِلَافِ تَأْوِيلَاتِهِ، سَتُذْكَرُ عِنْدَ ذِكْرِ التَّأْوِيلَاتِ وَهِيَ قَرِيبَةٌ مِنْ مُنَاسَبَةِ الْقَسَمِ بِالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ، وَيُقَابِلُهُ فِي الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:
وَهُمْ عَلى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ وَالْبُرُوجُ: تُطْلَقُ عَلَى عَلَامَاتٍ مِنْ قُبَّةِ الْجَوِّ يَتَرَاءَى لِلنَّاظِرِ أَنَّ الشَّمْسَ تَكُونُ فِي سَمْتِهَا مُدَّةَ شَهْرٍ مِنْ أَشْهُرِ السّنة الشمسية، فالبرج: اسْمٌ مَنْقُولٌ مِنِ اسْمِ الْبُرْجِ بِمَعْنَى الْقَصْرِ لِأَنَّ الشَّمْسَ تَنْزِلُهُ أَوْ مَنْقُولٌ مِنَ الْبُرْجِ بِمَعْنَى الْحِصْنِ.
وَالْبُرْجُ السَّمَاوِيُّ يَتَأَلَّفُ مِنْ مَجْمُوعَةِ نُجُومٍ قَرِيبٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ لَا تَخْتَلِفُ أَبْعَادُهَا أَبَدًا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بُرْجًا لِأَنَّ الْمُصْطَلِحِينَ تَخَيَّلُوا أَنَّ الشَّمْسَ تَحِلُّ فِيهِ مُدَّةً فَهُوَ كَالْبُرْجِ، أَيِ الْقَصْرِ، أَوِ الْحِصْنِ، وَلَمَّا وَجَدُوا كُلَّ مَجْمُوعَةٍ مِنْهَا يُخَالُ مِنْهَا شَكْلٌ لَوْ أُحِيطَ بِإِطَارٍ لِخَطٍّ مَفْرُوضٍ لَأَشْبَهَ مُحِيطُهَا مُحِيطَ صُورَةٍ تَخَيُّلِيَّةٍ لِبَعْضِ الذَّوَاتِ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ نَبَاتٍ أَوْ آلَاتٍ، مَيَّزُوا بَعْضَ تِلْكَ الْبُرُوجِ مِنْ بَعْضٍ بِإِضَافَتِهِ إِلَى اسْمِ مَا تُشْبِهُهُ تِلْكَ الصُّورَةُ تَقْرِيبًا فَقَالُوا:
بُرْجُ الثَّوْرِ، بُرْجُ الدَّلْوِ، بُرْجُ السُّنْبُلَةِ مَثَلًا.
وَهَذِهِ الْبُرُوجُ هِيَ فِي التَّحْقِيقِ: سُمُوتٌ تُقَابِلُهَا الشَّمْسُ فِي فَلَكِهَا مُدَّةَ شَهْرٍ كَامِلٍ مِنْ أَشْهُرِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ يُوَقِّتُونَ بِهَا الْأَشْهُرَ وَالْفُصُولَ بِمَوْقِعِ الشَّمْسِ نَهَارًا فِي الْمَكَانِ الَّذِي تَطْلُعُ فِيهِ نُجُومُ تِلْكَ الْبُرُوجِ لَيْلًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ [٦١] .
وشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ مُرَادٌ بِهِمَا النَّوْعُ. فَالشَّاهِدُ: الرَّائِي، أَوِ الْمُخْبِرُ بِحَقٍّ لِإِلْزَامِ مُنْكِرِهِ. وَالْمَشْهُودُ: الْمَرْئِيُّ أَوِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِحَقٍّ. وَحُذِفَ مُتَعَلِّقُ الْوَصْفَيْنِ لِدَلَالَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute