للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكَلَامِ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ حَاضِرَ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ قَالَ تَعَالَى: وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ [ق: ٢١] .

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَوِ الرُّسُلُ وَالْمَلَائِكَةُ.

وَالْمَشْهُودُ: النَّاسُ الْمَحْشُورُونَ لِلْحِسَابِ وَهُمْ أَصْحَابُ الْأَعْمَالِ الْمُعَرَّضُونَ لِلْحِسَابِ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي الْمَجَامِعِ أَنَّ الشَّاهِدَ فِيهَا: هُوَ السَّالِمُ مِنْ مَشَقَّتِهَا وَهُمُ النَّظَّارَةُ الَّذِينَ يَطَّلِعُونَ

عَلَى مَا يَجْرِي فِي الْمَجْمَعِ، وَأَن الْمَشْهُود: هُوَ الَّذِي يَطَّلِعُ النَّاسُ عَلَى مَا يَجْرِي عَلَيْهِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ: الشَّاهِدِينَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَهُمُ الْحَفَظَةُ الشَّاهِدُونَ عَلَى الْأَعْمَالِ. وَالْمَشْهُودُ: أَصْحَابُ الْأَعْمَالِ. وَأَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الرُّسُلَ المبلغين للأمم حِين يَقُولُ الْكُفَّارُ: مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْهَدُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَهُوَ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً [النِّسَاء: ٤١] .

وَعَلَى مُخْتَلَفِ الْوُجُوهِ فَالْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ بَيْنَ شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ وَبَيْنَ مَا فِي الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَهُمْ عَلى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ، وَقَوْلِهِ: إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ أَيْ حُضُورٌ.

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْيَوْمُ الْمَوْعُودُ يَوْمُ الْقِيَامَةِ وَالْيَوْمُ الْمَشْهُودُ يَوْمُ عَرَفَةَ وَالشَّاهِدُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ»

. أَيْ فَالتَّقْدِيرُ:

وَيَوْمٌ شَاهِدٌ وَيَوْمٌ مَشْهُودٌ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ يَضْعُفُ فِي الْحَدِيثِ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ اهـ.

وَوَصْفُ «يَوْمٍ» بِأَنَّهُ «شَاهِدٌ» مُجَازٌ عَقْلِيٌّ، وَمَحْمَلُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ هَذَا مِمَّا يُرَادُ فِي الْآيَةِ مِنْ وَصْفِ شاهِدٍ وَوَصْفِ مَشْهُودٍ فَهُوَ مِنْ حَمْلِ الْآيَةِ عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ فِي حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ التَّاسِعَةِ.

وَجَوَابُ الْقَسَمِ قِيلَ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ عَلَيْهِ