للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَيُوشِكُ أَنْ تُلْفَى لَهُ الدَّهْرَ سُبَّةٌ ... إِذَا ذُكِرَتْ أَمْثَالُهَا تَمْلَأُ الْفَمَا

وَكَذَلِكَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ كُلُّهَا لَا تَخْلُو مِنْ إِكْرَاهِ النَّفْسِ عَلَى تَرْكِ مَا تَمِيلُ إِلَيْهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ» .

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «الصَّبْرُ مَطِيَّةٌ لَا تَكْبُو»

. وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ عَلَى الصَّبْرِ مُشْبَعًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٤٥] .

وَأَفَادَتْ صِيغَةُ التَّوَاصِي بِالْحَقِّ وَبِالصَّبْرِ أَنْ يَكُونَ شَأْنُ حَيَاةِ الْمُؤْمِنِينَ قَائِمًا عَلَى شُيُوعِ التَّآمُرِ بِهِمَا دَيْدَنًا لَهُمْ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي اتِّصَافَ الْمُؤْمِنِينَ بِإِقَامَةِ الْحَقِّ وَصَبْرَهُمْ عَلَى الْمَكَارِهِ فِي مَصَالِحِ الْإِسْلَامِ وَأُمَّتِهِ لِمَا يَقْتَضِيهِ عُرْفُ النَّاسِ مِنْ أَنَّ أَحَدًا لَا يُوصِي غَيْرَهُ بِمُلَازَمَةِ أَمْرٍ إِلَّا وَهُوَ يَرَى ذَلِكَ الْأَمْرَ خَلِيقًا بِالْمُلَازَمَةِ إِذْ قَلَّ أَنْ يُقْدِمَ أَحَدٌ عَلَى أَمْرٍ بِحَقٍّ هُوَ لَا يَفْعَلُهُ أَوْ أَمْرٍ بِصَبْرٍ وَهُوَ ذُو جَزَعٍ، وَقد قَالَ الله تَعَالَى تَوْبِيخًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [الْبَقَرَة: ٤٤] ، وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ فِي سُورَةِ الْفَجْرِ [١٨] .