مَسَائِلِ الْحَجْبِ مِنَ الْفَرَائِضِ، وَبِحَسَبِ الْأَحْوَجِيَّةِ إِلَى الْمَالِ، كَتَفْضِيلِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى لِأَنَّهُ يَعُولُ غَيْرَهُ وَالْأُنْثَى يَعُولُهَا غَيْرُهَا. وَالْتَفَتَ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَى أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ فَتَرَكَ لَهُمْ حَقَّ التَّصَرُّفِ فِي ثُلُثِ أَمْوَالِهِمْ يُعَيِّنُونَ مَنْ يَأْخُذُهُ بَعْدَ مَوْتِهِمْ عَلَى شَرْطِ أَلَّا يَكُونَ وَارِثًا، حَتَّى لَا يَتَوَسَّلُوا بِذَلِكَ إِلَى تَنْفِيلِ وَارِثٍ عَلَى غَيْرِهِ.
وَجَعَلَتِ الشَّرِيعَةُ مِنَ الِانْتِزَاعِ انْتِزَاعًا مَنْدُوبًا إِلَيْهِ غَيْرَ وَاجِبٍ، وَذَلِكَ أَنْوَاعُ الْمُوَاسَاةِ بِالصَّدَقَاتِ وَالْعَطَايَا وَالْهَدَايَا وَالْوَصَايَا وَإِسْلَافِ الْمُعْسِرِ بِدُونِ مُرَابَاةٍ وَلَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ انْتِزَاعُ أَعْيَانِ الْمَمْلُوكَاتِ مِنَ الْأُصُولِ فَالِانْتِزَاعُ لَا يَعْدُو انْتِزَاعَ الْفَوَائِدِ بِالْعَدَالَةِ وَالْمُسَاوَاةِ.
وَجُمْلَةُ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ إِلَى آخِرِهَا مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا. وَتَنْكِيرُ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ لِلتَّقْلِيلِ، أَيْ أَقَلُّ قَوْلٍ مَعْرُوفٍ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى. وَالْمَعْرُوفُ هُوَ الَّذِي يَعْرِفُهُ النَّاسُ، أَيْ لَا يُنْكِرُونَهُ. فَالْمُرَادُ بِهِ الْقَوْلُ الْحَسَنُ وَهُوَ ضِدُّ الْأَذَى.
وَالْمَغْفِرَةُ هُنَا يُرَادُ بِهَا التَّجَاوُزُ عَنِ الْإِسَاءَةِ أَيْ تَجَاوُزُ الْمُتَصَدِّقِ عَنِ الْمُلِحِّ أَوِ الْجَافِي فِي سُؤَالِهِ إِلْحَاحَهُ أَوْ جَفَاءَهُ مِثْلَ الَّذِي يَسْأَلُ فَيَقُولُ: أَعْطِنِي حَقَّ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَيُرَادُ بِهَا أَيْضًا تَجَاوُزُ اللَّهِ تَعَالَى عَنِ الذُّنُوبِ بِسَبَبِ تِلْكَ الصَّدَقَةِ إِذَا كَانَ مَعَهَا قَوْلٌ مَعْرُوفٌ، وَفِي هَذَا تَعْرِيضٌ بِأَنَّ الْأَذَى يُوشِكُ أَنْ يُبْطِلَ ثَوَابَ الصَّدَقَةِ.
وَقَوْلُهُ: وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ تَذْيِيلٌ لِلتَّذْكِيرِ بِصِفَتَيْنِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لِيَتَخَلَّقَ بِهِمَا الْمُؤْمِنُونَ وَهُمَا: الْغِنَى الرَّاجِعُ إِلَيْهِ التَّرَفُّعُ عَنْ مُقَابَلَةِ الْعَطِيَّةِ بِمَا يُبَرِّدُ غَلِيلَ شُحِّ نَفْسِ الْمُعْطِي، وَالْحِلْمُ الرَّاجِعُ إِلَيْهِ الْعَفْوُ وَالصَّفْحُ عَنْ رُعُونَةِ بَعْضِ الْعُفَاةِ.
وَالْإِبْطَالُ جَعْلُ الشَّيْءِ بَاطِلًا أَيْ زَائِلًا غَيْرَ نَافِعٍ لِمَا أُرِيدَ مِنْهُ. فَمَعْنَى بُطْلَانِ الْعَمَلِ عَدَمُ تَرَتُّبِ أَثَرِهِ الشَّرْعِيِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْعَمَلُ وَاجِبًا أَمْ كَانَ مُتَطَوَّعًا بِهِ، فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ وَاجِبًا فَبُطْلَانُهُ عَدَمُ إِجْزَائِهِ بِحَيْثُ لَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمُكَلَّفِ مِنْ تَكْلِيفِهِ بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَذَلِكَ إِذَا اخْتَلَّ رُكْنٌ أَوْ شَرْطٌ مِنَ الْعَمَلِ. وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مُتَطَوَّعًا بِهِ رَجَعَ الْبُطْلَانُ إِلَى عَدَمِ الثَّوَابِ عَلَى الْعَمَلِ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ مِنِ اعْتِبَارِ ثَوَابِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا جَمْعًا بَيْنَ أَدِلَّةِ الشَّرِيعَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute